للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في ذِكر أمثلة تبيِّن تأثير العربية في تقرير الفروع الفقهية

المثال الأول: أثر أحكام الاستثناء في الأقارير:

"إذا قلتَ: له عندي عشرةٌ إلا اثنين إلا اثنين، فالمُقَرُّ به ستةٌ؛ لأن الجميع مُخرَجٌ من العشرة، وكذلك إذا قلتَ: له عندي عشرةٌ إلا اثنين إلا ثلاثة، أو قلتَ: له عندي عشرةٌ إلا ثلاثةً إلا أربعةً، وهو رأي الأكثر في هذا؛ لأن الأخير لا يمكن استثناؤه مما قبلَه، والقائل: إلا اثنين إلا ثلاثةً مُقِرٌّ بخمسة. والقائل: إلا ثلاثةً إلا أربعةً مُقِرٌّ بثلاثة. وذهب الفَرَّاء إلى أنهما ليسا بمستثنيين من العشرة، فيكون قد أقرَّ بخمسة أو بثلاثة، بل يُحكَم بأنه قد أقرَّ بأحدَ عشرَ؛ لأنه عنده في تقدير: له عندي عشرة إلا اثنين فليسا له عندي إلا الثلاثة التي له عندي، وكذلك الأخرى في تقدير: له عندي عشرةٌ إلا ثلاثة، فليست له عندي سوى الأربعة التي له عندي، وارتضاه … في "التسهيل"، وشرحِه (١)، وظاهرُ إشارته [في نظمه (٢)] أنه مع الجمهور، وهو الأصحُّ قياسًا على مسألة: قام القوم إلا زيدًا إلا عمرًا، ولأن الاستثناء الثاني لا يمكن على هذا المعنى إلا أن يكون منقطعًا، فيكون التقدير: له عندي عشرةٌ إلا ثلاثةٌ سوى الأربعة التي له عندي، ومتى أمكن حملُه على الاتصال لم يَجُز حملُه على الانفصال.

فإن قيل: يُعيِّن الحملَ على الانفصال هنا أنه لو أراد استثناءها من الأول معًا


(١) شرح التسهيل ٢/ ٢٩٧.
(٢) في قوله: وحكمُها في القصد حكمُ الأوَّلِ. الألفية، البيت رقم ٣٢٥، ص ١١٠.

<<  <   >  >>