للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما قول أبي حيان الأندلسي عن مقدِّمة ابن الحاجب في النحو بأنها "نحو الفقهاء" (١)، وقد أراد الانتقاص منها، فهو مع مراده هذا لا يطعن في هذا المعنى الذي قرَّرناه؛ إذ أراد أن ابن الحاجب تعرَّض لمسائل في العربية هي أليق بكتابات الأصوليين والفقهاء، وهي هذه المسائل المحتاج إليها في تقرير معاني كلام الشارع (٢)، فكأنه يرميه بأنه أَدخل فنًّا في فنٍّ آخَر.

وفي هذا الذي قرَّرناه من خلال إشارات العلماء من المراد بـ "نحو الفقهاء" تنبيهٌ من طَرْف خفي على أن مِن مسائل الصناعة النحوية ومباحثها ما لا يُساعِد بالنظر الأصلي والقصد الأوَّل على أخذ المعاني وتقريرها من نصوص الشارع، وهو ما مثَّل له الشاطبي وذكرناه ضمن مقالاته هنا.

ولهذا كلِّه وضعتُ عبارة: "نحو الفقهاء" في عنوان الكتاب.

[أهمية هذا العمل]

وأنا أُرجِع أهمية هذا العمل وكونَه محتاجًا إليه إلى عدة أوجه:

الأول: أن كلام الشاطبي في هذا الشأن كامل الأركان والمباحث والمسائل؛ فكلامه فيه من هذه الجهة كأنه مصنَّف مستقل قد قصد إليه الشاطبيُّ قصدًا، إلا أن كلام الشاطبي على الصورة التي قرَّرتُها في عملي هذا لم يكن مني على طَرَف الثُّمام؛ إذ كلامه الذي يخصُّ موضوع كتابنا كان متناثرًا في كتبه تحت مباحث أفردها لغير هذا الموضوع بالخصوص وإن كانت دالَّةً عليه ولا بُدَّ،


(١) نقل عن أبي حيان قوله هذا تلميذُه الصفدي، راجع: الوافي بالوفيات ٥/ ١٧٥.
(٢) راجع: التداخل والتمايز المعرفي بين النحويين والفقهاء والأصوليين، ص ٤٥٤.

<<  <   >  >>