للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في السبب الموجب لوضع هذا العِلم ومَن وضَعه

"أهلُ العربية يحكُون عن أبي الأسود الدؤلي: أنَّ علي بن أبي طالب هو الذي أشار عليه بوضع شيء في النحو، حين سمِع الأعرابيُّ قارئًا يقرأ: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٣] بالجرِّ، فقال برئتُ مما بَرئ الله منه، فبلغت عليًّا فأشار على أبي الأسود؛ فوضَع النحوَ (١).

وقد روي عن ابن أبي مُلَيْكة (٢): أنَّ عمر بن الخطاب أمَر أن لا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود؛ فوضَع النحوَ" (٣).

إلا أن وضعَ أبي الأسود الدؤلي ومَن جاء بعدَه للنحو إنما هو بمعنى أولية الوضع وفتح الباب إليه، لا أنهم أتوا على المحتاج إليه منه؛ إذ "سيبويه وشيوخه هم الذين جمعوا أطراف النحو، واستولوا على أمره، وأَتوا على آخره، وتكلَّموا مع المخالفين؛ فإليهم يُنسَب، وأما من قبلَهم فإنما وضعَوا نُتَفًا وأبوابًا لا تفي بالمقصود من ضبط اللسان.

[وكذلك] الكسائي وأصحابه هم الذين مهَّدوا العِلم، وبثُّوا حِكمتَه، وناظَروا المخالفين، نظيرَ الخليل وسيبويه ومَن والاهُما" (٤).


(١) راجع: أخبار النحويين البصريين، ص ١٣؛ تاريخ العلماء النحويين ١٦٦، ١٦٧.
(٢) ذكره بسنده إلى ابن أبي مليكة أبو بكر الأنباري في: إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٣٧ - ٣٩.
(٣) الاعتصام ١/ ٣٣٨، ٣٣٩.
(٤) المقاصد الشافية ٣/ ١٩١ - ١٩٣.

<<  <   >  >>