للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في مفاسد خُلُو الناظر في الشريعة من علم العربية، ومضارِّ الغفلة عن أحكامه، وذمِّ مَن عري منه أو أخطأ فيه

"كلُّ خارج عن السُّنة ممن يدَّعي الدخول فيها والكونَ من أهلها، لا بُدَّ له من تكلُّف الاستدلال بأدلَّتها على خصوصات مسائلهم، وإلا كذَّب اطراحُها دعواهم، بل كلُّ مبتدِع من هذه الأُمَّة إنما يدَّعي أنه هو صاحب السُّنة دون مَن خالَفه من الفرق، فلا يمكنه إلا الرجوع إلى التعلُّق بشُبَهها، وإذا رجع إليها كان الواجب عليه أن يأخذ الاستدلال مأخذَ أهلِه العارفين بكلام العرب وكليات الشريعة ومقاصدها، كما كان السلف الأول يأخذونها، إلا أن هؤلاء … لم يبلُغوا مبلَغ الناظرين فيها بإطلاق؛ إما لعدم الرسوخ في معرفة كلام العرب والعِلم بمقاصدها، وإما لعدم الرسوخ في العِلم بقواعد الأصول التي من جهتها تُستنبط الأحكام الشرعية، وإما للأمرين جميعًا، فبالحَرِيِّ أن تصير مآخذهم للأدلة مُخالفة المأخذ مَن تقدَّمهم من المحقِّقين للأمرين" (١).

ولهذا كان من مآخذ أهل البدع والأهواء في الاستدلال "تخرُّصهم على الكلام في القرآن والسُّنة العربيِّين، مع العُروِ عن عِلم العربية الذي به يُفهَم عن الله ورسوله، فيفتاتون على الشريعة بما فهموا، ويدينون به، ويُخالِفون الراسخين في العِلم، وإنما دخلوا في ذلك من جهة تحسين الظنِّ بأنفسهم، واعتقادِهم


(١) الاعتصام ٢/ ٥.

<<  <   >  >>