للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في أن التفسير بالرأي إذا كان جاريًا على موافقة كلام العرب وعدم مخالفة أدلة الشرع فليس من باب إعمال الرأي المذموم شرعًا

إعمال الرأي في القرآن جاء ذمُّه، وجاء أيضًا ما يقتضي إعماله، وحسْبُك من ذلك ما نُقِل عن الصَّدِّيق؛ فإنه نُقِل عنه أنه قال وقد سئل في شيء من القرآن: "أيُّ سماءٍ تُظلُّني، وأَيُّ أَرضِ تُقِلُّني إن أنا قلتُ في كتاب الله ما لا أعلَمُ؟! " (١).

وربما روي فيه: "إذا قلتُ في كتابِ اللهِ برأيي".

ثم سئل عن الكَلَالَة المذكورة في القرآن، فقال: "أقولُ فيها برأيي - فإن كان صوابًا، فمِنَ الله، وإن كان خطأً، فمنِّي ومن الشيطان -: "الكَلَالَة كذا وكذا" (٢).

فهذان قولانِ اقتضيا إعمال الرأي وتَرْكَه في القرآن، وهما لا يجتمعان.

والقول فيه أن الرأي ضربان:

أحدهما: جارٍ على موافقة كلام العرب وموافقة الكتاب والسُّنة (٣)، فهذا


(١) روي بألفاظ متعددة ذكر منها المصنِّف لفظين، وقد أخرج الأثر الطبري في جامع البيان ١/ ٧٢؛ وابن عبد البر في: جامع بيان العلم ٢/ ٨٣٣ (١٥٦١) وغيرهما، قال محقِّق: الموافقات (النشرة المعتمدة): "والأثر بمجموع هذه الطرق لا ينزل عن مرتبة الحسن؛ فقد ساقه ابن حجر في: الفتح ١٣/ ٢٧١، من طرق التيمي والنخعي، وأعلهما بالانقطاع، وقال: "لكن أحدهما يقوي الآخر".
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان ٦/ ٤٧٥.
(٣) الظاهر أن هذا هو رأي جمهور الأصوليين والمفسرين، إلا أن الذي يظهر من صنيع الطبري =

<<  <   >  >>