للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توطئة في أن طلب العِلم إنما يكون للآخرة، وللعمل بمقتضاه بالقصد الأصلي

"طلبُ العِلم عبادة" (١)، و"كلُّ عِلم شرعي فطلبُ الشارع له إنما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبُّد به الله تعالى، لا من جهة أخرى، فإن ظهر فيه اعتبار جهة أخرى؛ فبالتبَع والقصد الثاني، لا بالقصد الأول …

وأيضًا فإن في العِلم بالأشياء لذَّة لا توازيها لذة؛ إذ هو نوعٌ من الاستيلاء على المعلوم والحَوزِ له، ومحبةُ الاستيلاء قد جُبِلت عليها النفوس ومِيلَت إليها القلوب، وهو مطلبٌ خاصٌّ برهانُه التجربة التامَّة والاستقراء العامُّ؛ فقد يُطلَب العِلم للتفكُّه به، والتلذُّذِ بمحادثته، ولا سيما العلوم التي للعقول فيها مجال، وللنظرِ في أطرافها متسَع، ولاستنباطِ المجهول من المعلوم فيها طريق مَهْيَع (٢).

ولكن كلُّ تابع من هذه التوابع؛ إما أن يكون خادمًا للقصد الأصلي، أو لا.

فإن كان خادمًا له؛ فالقصد إليه ابتداء صحيحٌ، وقد قال تعالى في مَعرِض المدح: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)[الفرقان: ٧٤].

وجاء عن بعض السلف الصالح: "اللَّهم اجعلني من أئمة المتقين".


(١) الموافقات ٢/ ٣٦١.
(٢) في النشرة المعتمدة: "متبع"، والمثبت من نشرة (أيت)، ٢/ ١١٩.

<<  <   >  >>