للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب الثاني:

بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وقد رواه جمع من أصحابه في الصحيحين وفي غيرهما وهي أحاديث متواترة، ومطلق هذه الأحاديث وعمومها يشمل قضاء راتبة الظهر، وهي أحاديث قولية وعمومها مراد؛ ومتكاثرة، لهذا كانت مقدمة على السنة الفعلية في قضاء النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر بعد العصر؛ لأن الفعل لا عموم له؛ لاحتمال الخصوصية، كما أنها أصح من قضاء راتبة الفجر بعد الصبح، فإن الحديث الوارد فيها معلول، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

•ونوقش هذا:

أما معارضة قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لراتبة الظهر بعد العصر بما يروى عن عائشة فإنه حديث ضعيف كما علمت، وعلى فرض صحته فإنه محمول على أحد أمرين:

الأول: أن مراد عائشة الصلاة التي ليس لها سبب، فليس في كلام عائشة ما يدل على أنه نهى عن قضاء راتبة الظهر بعد العصر، فيكون موافقًا لحديث كريب عن أم سلمة في الصحيحين وفيه: ... ألم أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين؟ فأراك تصليهما ... (١).

الثاني: أن يكون مقصود عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم على هاتين الركعتين بعد العصر، فهذا هو الذي اختص به صلى الله عليه وسلم؛ لثبوت نهي النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الصلاة بعد العصر، لا قضاء السنة الراتبة بعد العصر، فإن هذا له ولأمته.

قال ابن قدامة: «وقول عائشة: إنه كان ينهى عنها، معناه -والله أعلم- أنه نهى عنها لغير هذا السبب، وأنه كان يفعلها على الدوام، وينهى عن ذلك» (٢).

(ح-١١٢٠) فقد روى مسلم من طريق محمد بن حرملة، قال: أخبرني أبو سلمة،

أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر، فقالت: كان يصليهما قبل العصر، ثم إنه شغل عنهما، أو نسيهما،


(١). صحيح البخاري (٤٣٧٠)، وصحيح مسلم (٨٣٤).
(٢). المغني (٢/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>