وَقد توغّلت مَعَك فِي أَسبَاب الأُلفة وهتكت بيني وَبَيْنك أَسبَاب المراقبة والكُلْفة فَأَنا أستريح إِلَيْك بخفيات سرّى وأجلو عَلَيْك بُنيّات صَدْرِي خروجاإليك عَمَّا عِنْدِي وجَرْياً مَعَك على مَا يَقْتَضِيهِ إخلاص ودي وجلاءً لشواغل بالي واستظهاراً بك على حَالي وشفاءً لمضَض نَفسِي واستدعاءً لما نَفَر وشرَد من أُنْسي كَمَا ينفث المصدور ويتلقى بَرْدَ النسيم المحرور وكما تفيض النَّفس عِنْد امتلائها وتجود الْعين طلبا للراحة بِمَائِهَا وَكنت أَشرت فِي كتابي بتوجه مَنْ توجه من قِبَلي مِمَّن كَانَ رَوْح أُنسي وَرَيْحَان جَذَلي وَنَفْسِي إِلَى أَن قَرَعَ مَا قرع من لوعة الْفِرَاق ولَذَعَ مَا لذع من لوعة الاشتياق وَأَنا أَظن ذَلِك عَاقِبَة الصَّبْر تَغْلبه والجلَد يَعْقُبُه وَأَن انصرام الْأَيَّام ينسيه ويذهبه فَإِذا هُوَ قد أفرط وَزَاد وَغلب أَو كَاد
وَمن القلائد بَحر الْبَيَان الزاخر وفخر الْأَوَائِل والأواخر وَمن شعره قَوْله فِي رجل مَاتَ مجذوماً ... ماتَ من كُنَّا نراهُ أبدا ... سالمَ العَقْل سقيمَ الجَسَدِ
بَحْرُ سُقْمٍ ماجَ فِي أَعْضَائِهِ ... فَرمى فِي جلده بالزَّبَدِ
كَانَ مثل السَّيْف إِلَّا أَنه ... حُسِدَ الدَّهْر عَلَيْهِ فصَدِي ...
وَقَوله ... لَا تُكثرنَّ تأمُّلاً ... واحْبِسْ عَلَيْك عِنان طَرْفِك
فلربّما أرْسَلْتَهُ ... فرماك فِي مَيْدان حَتْفِك ...
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute