وأما الوجه الذي هو: الشيطان. ففي قوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ}[الزمر: ٢٩]، تقدم عرض كلام ابن الجوزي له وأنني لم أقف عليه وأن أقوال المفسرين متظاهرة على أن الرجل في الآية الذكر من بني آدم وأنه مثل مضروب للكافر، وعليه فليس يصح هذا الوجه بهذا المثال.
وتم التنبيه على أن هذا الباب بعامة؛ هو من مبهمات القرآن باب القرية.
[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة الطهارة]
[باب الطهارة]
قال ابن الجوزي:
«الطهارة: في الأصل الوضاءة والنظافة. يقال من ذلك تطهّر يتطهر فهو متطهر ومطهر فيدغم التاء في الطاء لقرب مخرجيهما. والطهور: الماء.
قال ثعلب: الطهور: الطاهر في نفسه المطهر لغيره. ويقال: فلان طاهر الثياب إذا كان نقياً من الدنس والوسخ (١).
وذكر أهل التفسير أن الطهارة في القرآن على ثلاثة عشر وجهاً:
أحدها: انقطاع دم الحيض. ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢].
والثاني: الاغتسال. ومنه قوله تعالى في البقرة:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢]، وفي المائدة:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦].
والثالث: الاستنجاء بالماء. ومنه قوله تعالى في براءة:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}[براءة: ١٠٨]، ونزلت في أهل قباء وكانوا يستعملون الماء في الاستنجاء.
والرابع: الطهارة من جميع الأحداث والأقذار. ومنه قوله تعالى في الأنفال:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}[الأنفال: ١١].
(١) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٥٧٨. مقاييس اللغة ص ٦٠٢. والمحكم والمحيط الأعظم ٤/ ٢٤٥؛ وقول ثعلب هذا في المقاييس.