للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجح القول - الوجه - الأول ابن جرير إذ يقول: «وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة، قول من قال: معناه ثم رددناه إلى أرذل العمر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال صحتهم وشبابهم، فلهم أجر غير ممنون بعد هرمهم، كهيئة ما كان لهم من ذلك على أعمالهم في حال ما كانوا يعملون وهم أقوياء على العمل، وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة لما وصفنا من الدلالة على صحة القول بأن تأويل قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: ٥]، إلى أرذل العمر» (١).

وأما ابن كثير فقد رجح القول الآخر - ثم رددناه إلى النار في أقبح صورة إن لم يؤمن - فيقول: «{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: ٥]، أي إلى النار قاله مجاهد وأبو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم، ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيرهم إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل، ولهذا قال {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: ٦]. وقال بعضهم:

{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: ٥]: أي إلى أرذل العمر، روي هذا عن ابن عباس وعكرمة حتى قال عكرمة: «من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر»، واختار ذلك ابن جرير، ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك لأن الهرَم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر]» (٢).

ومن خلال وجوهٍ عشرة بين ابن القيم الوجه الصحيح في معنى الآية فقال:

» ثم لما كان الناس في إجابة هذه الدعوة فريقين منهم من أجاب ومنهم من أبى ذكر حال الفريقين فذكر حال الأكثرين وهم المردودون إلى أسفل سافلين، والصحيح: أنه النار قاله مجاهد، والحسن، وأبو العالية، قال علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه -: «هي النار بعضها أسفل من بعض «. وقالت طائفة منهم قتادة وعكرمة وعطاء وإبراهيم: أنه أرذل العمر وهو مروي عن ابن عباس. والصواب القول الأول لوجوه:


(١) جامع البيان ٣٠/ ٣٠٩.
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٦/ ٤٩١.

<<  <   >  >>