للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يكون مسمى هذا الوجه بما ذكره ابن الجوزي عن غير ابن قتيبة وهو: المعاهدة على فعل الشيء، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ قال ابن فارس: «والعَهْد: المَوْثِق، وجمعه عُهود» (١).

الوجه السادس: الوحي.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: ١٢٥].

قال ابن الجوزي: أي: أوحينا. قاله: الحسن. وألحقه بعضهم بالقسم الأول، ومعناهما متقارب.

والذي رواه ابن كثير عن الحسن: «أمرهما أن يطهراه من الأذى، والنجس ولا يصيبه شيء من ذلك» (٢)، فلعله غيره.

وقال به من المفسرين: البغوي، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٣).

وللسلف في الآية قول آخر وهو: أن العهد هنا الأمر وقال به: عطاء، وابن زيد (٤)، والحسن (٥).

وعبارات المفسرين في هذه الآية تدل على صحة الوجه مع قربه من الوجه الأول: الوصية أو الأمر؛ قال الزَّمخشري: أمرناهما وأوحينا إليهما، وقال ابن عطية (٦): العهد في اللغة على أقسام هذا منها: الوصية بمعنى الأمر، وقال أبو حيان: أمرنا، أو أوصينا، أو أوحينا، أو قلنا: أقوال متقاربة، وقال ابن كثير: وعدي بإلى لأنه بمعنى أوحينا.

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير الشيء بسببه لأن من أسباب العهد في الآية الوحي.


(١) مقاييس اللغة ٥٩١.
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٣٦٥.
(٣) معالم التنزيل ص ٦٣. الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٧٨. البحر المحيط ١/ ٦١٠. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٣٦٥.
(٤) جامع البيان ١/ ٧٠٦.
(٥) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٣٦٥.
(٦) الكشاف ١/ ٢١٢. المحرر الوجيز ١/ ٢٠٨.

<<  <   >  >>