للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المفسرين: الزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (١).

وفي الآية للسلف قولان آخران، هي:

البر: ظهر الأرض، والبحر: المعروف، وقال به ابن عباس (٢)، مجاهد، وابن أبي نجيح، وعطية (٣).

البر: قتل ابن آدم أخاه، والبحر: أخذ السفينة غصبا، وبه قال ابن عباس وعكرمة (٤)، ومجاهد (٥).

والقول الثاني للسلف، هو من قبيل التفسير بالمثال على ظهور الفساد في البر والبحر.

وأما القول الأول للسلف، والقول بالوجه الأخير فليس بينهما تعارض، لأن كل ماء فهو بحر فيراد به المدن العامرة على شواطئ البحار، وضفاف الأنهار.

قال الزَّجَّاج: «ظهر الجدب في البر، والقحط في البحر، أي في مدن البحر، أي في المدن التي على الأنهار، وكل ذي ماء فهو بحر». (٦)

وقد أشار ابن القيم إلى هذا في قوله: «قلت: وقد سمى الله تعالى الماء العذب بحرا، فقال: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: ٥٣]، وليس في العالم بحر حلو واقفاً، وإنما هي الأنهار الجارية، والبحر المالح هو الساكن، فتسمى القرى التي على المياه الجارية باسم تلك المياه» (٧).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة، قال ابن فارس: «قال: والأنهار كلُّهَا بِحارٌ. قال الفرَّاء: البَحْرَة الرَّوضة، وقال الأمويّ: البَحْرة البلدة، ويقال


(١) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤/ ١٨٨. معالم التنزيل ص ١٠٠٨. الكشاف ٣/ ٤٨٨. المحرر الوجيز ٤/ ٣٤٠. البحر المحيط ٨/ ٣٩٥. الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ٢٨. تفسير القرآن العظيم لابن كثر ٥/ ٩٠.
(٢) ذكره عنه النَّحَّاس في معاني القرآن ٥/ ٢٦٦.
(٣) جامع البيان ٢١/ ٦٠.
(٤) ذكره عنهما البغوي في معالم التنزيل ص ١٠٠.
(٥) جامع البيان ٢١/ ٦٠.
(٦) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤/ ١٨٨.
(٧) الجواب الكافي ١/ ٤٢.

<<  <   >  >>