للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنبأنا مرتضى، أنبأنا أحمد بن عبد الفتاح، عن أبي الحسن البوتيجي، قال: حدثني محمد الحسيني الجزيري المالكي، قال: في أول ليلة من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وألف اجتمعتُ برجل من إخواننا من أهل طهطا، وقد اشتهر أنه يجتمع بالجن، فقلتُ: هل لك تجمعني الليلة بأحد منهم لأجل مصلحة؟ فقال: نعم، فأجلسني في غرفة وأوقد سراجا وأعطاني بخورا وقال لي: قُل: شرهيل، وكرّر هذا الاسم. ففعلتُ فإذا بنت عليها خمار وبُرقع دخلَتْ عليّ وجلست عندي وأخذت تؤانسني بالحديث، وصرتُ أقول لها: إن رؤياكم تزيد في الإيمان فقد كنتم غيبا والآن صرتم شهادة. وجلست حصةً تتحدث، ثم قالت: إني أختُ شرهيل وأرسلني قدامه للطمأنينة لك، وهذا هو حاضر؛ ثم قامت فدخل بعدها رجل ظريف في شكل رجل تركي، وتحدث مليا، ثم قام فدخل بعده رجل آخر فقيه من فقهاء الجن ممن يتلون القرآن فقلت له: ما اسمك؟ فذكر اسما سريانيا، ثم قال: واسمي بالعربية عبد الفتاح المياميني. فتحدثَ مليا، ثم قلتُ له: رضي الله عنك، إن بعض أشياخنا روى لنا حديثا عن أشياخ عن القاضي شمهروش، عن النبي ، فهل تحفظ عنه شيئا ترويه لي وأنا أرويه عنك؟ فقال: نعم، سمعته يقول لصاحبنا مفتي ميمون - صاحب يوم السبت - يوصيه ويقول له: تنصف المظلوم إذا جاء إليك، فقد قال رسول الله : «من شكا ضرورته وجبت معونته» (١)؛ فقلت تروي ذلك عنه، وأنا أرويه عنك، قال: نعم، قلت: فهل أرويه عنك؟ قال: نعم، قلت: فهل تحفظ غيره؟ قال: نعم، وابتدأ حديثا أوله: ((ثلاثة)) ثم أمسك وقال: إني لا أحفظه جيدا، وأخشى من تغييره، أو أرويه ملحونا. فسكت عنه؛ ثم توجه من عندي، ثم جاء شخص آخر فتحدث معي،، فسألته: هل تعمّرون طويلا؟ فقال: أطول أعمارا منكم. قلتُ: هل تبلغون الأربعمائة؟ قال: وستمائة، والرجل يكهل في ستين


(١) قال الحافظ السخاوي في «المقاصد الحسنة» ص ٦٥٢: «حديث: من شكا ضرورته وجبت مساعدته، كلام بعض السلف، وفي الأحاديث شواهد لمعناه». اهـ

<<  <   >  >>