للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما حسّن البخاري حديثه وحكى أن يحيى بن سعيد الأنصاري روى عنه وقد كان ينتقى الرجال - صحح له الترمذي. لكنّ أهل الحديث مجمعون على ضعفه، وصرح جماعة منهم بكذبه، بل قال الإمام الشافعي (١): إنه أحد أركان الكذب؛ وكذا قال أبو داود (٢)، مع أنه روى له في «سننه» (٣)، وكذلك روى له البخاري في كتاب «القراءة خلف الإمام» (٤)، ولو كان بهذه المثابة لما خرجوا له في كتب الأحكام التي اتفقوا على أنه لا يجوز إخراج الكذابين فيها، فلا يخلو أن يكون في هذا نوع مبالغة، والله أعلم.

وأما حديث أبي هريرة، ففي «صحيح» (٥) البخاري عنه، أنه كان يحمل مع النبي إدارة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها قال: «من هذا؟» قال: أنا أبو هريرة. قال: «أبغني أحجارا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة»، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيتُ فقلت: ما بال الروث والعظم؟ قال: «هما طعام الجن، وإنه حين أتاني جن نصيبين (٦) - ونعم الجنّ - فسألوني الزاد فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما».

وأما حديث جابر بن عبد الله، فرواه ابن العربي المعافري بإسناده عنه، قال: بينا أنا مع رسول الله نمشي، إذ جاءت حيةً فأَدْنَتْ فاها من أذنه وكأنها تناجيه أو نحو هذا، فقال النبي : «نعم»، فانصرفت؛ قال جابر: فسألته، فأخبرني «أنه رجل من الجن وأنه قال: مر أمتك لا يستنجوا بالروث ولا بالرمة فإن الله جعل لنا في ذلك رزقا».


(١) كما في «المجروحين» لابن حبان ٢/ ٢٢٢.
(٢) كما في «تهذيب الكمال» للمزي ٢٤/ ١٣٨.
(٣) حديث ٣٠٦٢ «أن النبي أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها».
(٤) القراءة خلف الإمام» للبخاري ص ٥٨، حديث «إنكم ما اختلفتم في شيء فحكمه إلى الله وإلى محمد».
(٥) «صحيح البخاري» ح ٣٨٦٠.
(٦) قال ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ٥/ ٢٨٨: «مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان». اهـ

<<  <   >  >>