للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن رُوي (١) عن ابن عباس أنهم استمعوا إلى القرآن منه و لم يرهم، لكنّ الأحاديث الكثيرة في اجتماعهم به وأخذهم عنه مشافهةً ورؤيته إياهم تردّ ما قاله ابن عباس ، فقد ورد ذلك من حديث جماعة من الصحابة، منهم: بلال بن الحارث وأبو هريرة وجابر بن عبد الله وابن مسعود والزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة وعمر، ومن التابعين مرسلا عن سعيد بن جبير وأبي عبيدة بن مسعود وأبي جعفر الباقر، وغيرهم.

أما حديث بلال بن الحارث، فقال أبو الشيخ بن حيان في كتاب «العظمة» (٢): حدثنا محمد بن أحمد بن معدان، حدثنا إبراهيم الجوهري، حدثنا عبد الله بن كثير، ثنا كثير ابن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث قال: نزلنا مع رسول الله في بعض أسفاره، فخرج لحاجته، وكان إذا خرج لحاجته يُبعد، فأتيته بإدارة من ماء فانطلق فسمعت عنده خصومة رجال ولغطا لم أسمع مثليهما، فجاء فقلت: يا رسول الله، قد سمعت عندك خصومة رجال ولغطا ما سمعت أحد من ألسنتهم ولا أرى أشخاصهم؟ فقال: «اختصم عندي الجن المسلمون والجن المشركون، فسألوني أن أسكنهم، فأسكنت المسلمين الجلس، وأسكنت الجن المشركين الغَوْر» قال عبد الله بن كثير: قلتُ لكثير: ما الجَلْسُ وما الغَور؟ قال: الجلسُ القرى والجبال، والغَور ما بين الجبال والبحار، وهي يقال لها الجنوب. قال كثير: وما رأيت أحدا أصيب بالجلس إلا سلم، ولا أصيب بالغور إلا لم يكد يسلم. ورواه أبو نعيم في «دلائل النبوة»، (٣) قال: حدثنا سليمان بن أحمد هو الطبراني،


(١) روى مسلم في «صحيحه» عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله على الجن وما رآهم.
(٢) «العظمة» لأبي الشيخ ٥/ ١٦٨٣.
(٣) «دلائل النبوة» لأبي نعيم ص ٥٩٧، لكن الذي وجدته في المطبوع من «دلائل النبوة» هو قول أبي نعيم: حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو بكر بن معدان، ثنا إبراهيم بن سعد الجوهري، به. والذي أورده المؤلف: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا خالد بن النضر، ثنا إبراهيم بن سعيد به. وأظنه سبق قلم من المؤلف ، لأنه لم يُعرف لخالد بن النضر أبي يزيد القرشي رواية عن إبراهيم بن سعيد الجوهري.

<<  <   >  >>