للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وهذه القاعدة شأن مثيلاتها مما سبق ذكره أيضاً، مستند أهل السنة والجماعة فيها القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مستنيرين بفهم السلف الصالح، وأقوالهم الموافقة لمضمون هذه القاعدة، فمما استدل به أهل السنة والجماعة في تقرير هذه القاعدة ما يلي:

• قوله تعالى: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ (١).

• وقوله تعالى: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾ (٢).

فمدلول هاتين الآيتين واحد، تفيدان أن البشر لا يطلعون على شيء من علم ذات الله ﷿ وصفاته، إلا بما أطلعهم الله عليه (٣)، والله ﷿ لم يطلعنا على كيفية ذاته ولا صفاته، فدخل علم كيفية ذات الله ﷿ وصفاته، في الأمور التي لا يحيط البشر بها علماً، وشاء الله ﷿ في نفس الوقت أن يحيطنا علماً بمعاني ما اتصف به ، فتُثْبَت له على الوجه اللائق به .

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي (٤) : « … لأن إدراك حقيقة الكيفية مستحيل، وهذا نَصَّ الله عليه في سورة طه حيث قال: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾، فقوله: "يحيطون به" فعل مضارع، والفعل الصناعي الذي يسمى بالفعل المضارع وفعل الأمر والفعل الماضي، ينحل عند النحويين عن مصدر وزمن، كما قال ابن مالك (٥) في الخلاصة (٦):

المصدرُ اسمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ منْ … مَدْلُولَي الفِعْلِ كَأَمْنٍ مِنْ أَمِنْ

وقد حرر علماء البلاغة في مبحث الاستعارة التبعيِّة، أنه يَنْحَلُّ عن مصدرٍ وزمنٍ ونسبةٍ، فالمصدر كامن في مفهومه إجماعاً، ف "يحيطون" تكمن في مفهومها الإحاطة،


(١) الآية [٢٥٥] من سورة البقرة.
(٢) الآية [١١٠] من سورة طه.
(٣) انظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٢٩٢).
(٤) محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي، العلامة المحقق، وحيد عصره، برع في فنون كثيرة، وصنف التصانيف البديعة، منها: أضواء البيان في التفسير، وآداب البحث والمناظرة، والمذكرة في أصول الفقه، وغيرها كثير. توفي بمكة سنة ١٣٩٣ هـ.
انظر ترجمته في: مشاهير علماء نجد ص (٥١٧ - ٥٢٠، ٥٤٠ - ٥٤٣)، الأعلام (٦/ ٤٥).
(٥) محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجَيَّاني، أبو عبد الله الأندلسي الدمشقي، أحد أئمة علوم العربية، له مؤلفات عدة منها: الخلاصة، المشهور بألفية ابن مالك وعليها شروح لا تعد، توفي سنة ٦٧٢ هـ.
انظر ترجمته في: فوات الوفيات (٢/ ٢٢٧)، نفح الطيب (١/ ٤٣٤).
(٦) انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (٢/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>