للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلوبهم إلى العلو إليه، لا يجدون في قلوبهم توجهاً إلى جهة أخرى، ولا استواء الجهات كلها عندها وخلو القلب عن قصد جهة من الجهات بل يجدون قلوبهم مضطرة إلى أن تقصد جهة علوهم دون غيرها من الجهات.

فهذا يتضمن بيان اضطرارهم إلى قصده في العلو وتوجههم عند دعائه إلى العلو، كما يتضمن فطرتهم على الإقرار بأنه في العلو والتصديق بذلك" (١).

القول الثاني: قول المعطلة من الفلاسفة (٢)، والجهمية (٣)، والمعتزلة (٤)، ومتأخري الأشاعرة (٥)، والقرامطة الباطنية (٦).

وهؤلاء جميعاً ينفون علو الله وارتفاعه فوق خلقه، وكل ذلك تحت دعوى التوحيد والتنزيه ونفي التشبيه، فهم يزعمون أن إثبات العلو لله تعالى فيه إثبات للجهة، والمحايثة، والحد، والحركة، والانتقال، وهذه الأمور على زعمهم تستلزم الجسمية، والأجسام حادثة، والله منزه عن الحوادث فمن أجل ذلك نفوا العلو، وأولوا النصوص الثابتة فيه بأن المراد بها علو القهر والغلبة.

وقد انقسم الجهمية المعطلة النافون لعلو الله إلى فريقين في هذه المسألة:

الفريق الأول:

وهم الذين يقولون إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا هو مباين له ولا محايث له.

وهذا القول هو ما يذهب إليه النظار والمتكلمون من هؤلاء المعطلة (٧)، وهم بقولهم هذا قد نفوا الوصفين المتقابلين اللذين لا يخلو موجود منهما، وذلك خشية منهم أن يشبهوا، فهم قالوا بهذه المقالة هرباً منهم-على حد زعمهم-من إثبات


(١) انظر درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٥) بتصرف.
(٢) النجاة لابن سينا (ص ٣٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨)، (٥/ ١٢٢).
(٤) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨)، (٥/ ١٢٢).
(٥) تأويل مشكل الحديث لابن فورك (ص ٦٣)، الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (٢٩، ٣٤).
(٦) درء تعارض العقل والنقل (٥/ ١٧٨)، والقرامطة من الباطنية وهم ينتسبون إلى حمدان بن الأشعث الذي كان يلقب بقرمط لقرمطة في خطه أو خَطْوِه، انظر الفرق بين الفرق (٢٨١، ٢٩٣)، المنتظم لابن الجوزي (٥/ ١١٠، ١١١).
(٧) الرسالة الأضحوية (نقلا عن مختصر الصواعق ١/ ٢٣٧)، والاقتصاد في الاعتقاد (ص ٣٤)، تأويل مشكل الحديث (ص ٦٣ - ٦٤)، مجموع الفتاوى (٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨، ٥/ ١٢٢ - ١٢٤)، نقض التأسيس (١/ ٦ - ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>