للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيتسلَّط النفي على المصدر الكامن في الفعل، فيكون معه كالنكرة المبنيَّة على الفتح، فيصير المعنى: لا إحاطة للعلم البشري برب السموات والأرض، فينفى جنس أنواع الإحاطة عن كيفيتها، فالإحاطة المسندة للعلم منفية عن رب العالمين» (١).

وفي الحديث: «تَفَكَرُوا فِي خَلْقِ اللهِ، وَلَا تَفَكَرُوا فِي اللهِ» (٢).

قال شيخ الإسلام-، بعد أن أورد هذا الأثر: « … لأن التفكير والتقدير يكون في الأمثال المضروبة، والمقاييس، وذلك يكون في الأمور المتشابهة، وهي المخلوقات.

وأما الخالق- -فليس له شبيه ولا نظير، فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه، وإنما هو معلوم بالفطرة، فيذكره العبد. وبالذكر، وبما أخبر به عن نفسه، يحصل للعبد من العلم به أمور عظيمة؛ لا تنال بمجرد التفكير والتقدير؛ أعني من العلم به نفسه؛ فإنه الذي لا تفكير فيه.

فأما العلم بمعاني ما أخبر به ونحو ذلك، فيدخل فيها التفكير والتقدير، كما جاء به الكتاب والسنة» (٣).

فبيَّن-، أن الله ﷿ والمراد ذاته وصفاته-لا يدخل تحت مجال التفكير الإنساني، والعقل البشري القاصر؛ لأن مبنى التفكير على قياس الغائب على الشاهد، وإيجاد العلاقة بين النظير ونظيره، والله ﷿ ليس له ندٌّ ولا مثيلٌ ولا مسامٍ ولا نظيرٌ حتى يقاس عليه، أو توجد بينه وبينه علاقة، تؤدي إلى إدراك كنهه وحقيقته.

وفي حديث معاوية بن أبي سفيان : «أَنَّ النَّبِي نَهَى عَنِ الأُغْلُوطَاتِ» (٤).

قال عيسى بن يونس (٥) ، وهو أحد رواة الحديث: «والأغلوطات ما لا


(١) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص (٢٤).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٩ - ٤٠).
(٤) أخرجه أبو داود في سننه (٤/ ٤٤)، كتاب العلم، باب التوقي في الفتيا برقم (٣٦٥٦).
والإمام أحمد في المسند (٥/ ٤٣٥)، وقال محقق المسند حمزة أحمد الزين: "إسناده حسن"، (١٧/ ٧٨) برقم (٢٣٥٧٧ - ٢٣٥٧٨) ط/ دار الحديث؛ وضعف إسناده الألباني كما في تخريج أحاديث مشكاة المصابيح (١/ ٨١).
(٥) عيسى بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني، أبو عمرو السبيعي، الكوفي الإمام القدوة، الحافظ الحجة، أخو الحافظ إسرائيل بن يونس، أخرج له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة ١٨٧ هـ.
انظر ترجمته في: السير (٨/ ٤٨٩)، تهذيب التهذيب (٣/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>