للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كامل الإيمان، وإنه من أهل النار. (١)

[المسألة الثانية: أول من قال بها]

ذكر المصنف رحمه الله تعالى: أن الجعد هو أول من قال هذه المقالة، فكما قال المصنف: "فإن أول من حُفِظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام، أعني أن الله ليس على العرش حقيقة، وأن معنى استوى استولى ونحو ذلك، هو الجعد بن درهم" فالجعد بن درهم هو أول تلقف مقالة نفي الصفات وقال بها، وتلقف كذلك مقالة نفي القدر من غيلان، وقد كان لدى الجعد بدعتان يدعو إليهما: بدعة نفي القدر، وبدعة نفي الصفات، فما كان من هشام بن عبد الملك إلا أن أمر بقتله.

فالجعد بن درهم هو أول من عرف عنه أنه أظهر في الإسلام مقالة التعطيل. (٢)

قال الهروي: (وأما فتنة إنكار الكلام لله ﷿ فأول من زرعها جعد بن درهم، فلما ظهر جعد قال الزهري -وهو أستاذ أئمة الإسلام وقائدهم-: (ليس الجعد من أمة محمد . (٣)

وقال ابن القيم: (فلما كثرت الجهمية في أواخر عصر التابعين كانوا هم أول من عارض الوحي بالرأي، ومع هذا كانوا قليلين أولاً مقموعين مذمومين عند الأئمة، وأولهم شيخهم الجعد بن درهم، وإنما نفق عند الناس بعض الشيء لأنه كان معلم مروان بن محمد وشيخه، ولهذا كان يسمى مروان الجعدي، وعلى رأسه سلب الله بني أمية الملك والخلافة وشتتهم في البلاد ومزقهم كل ممزق ببركة شيخ المعطلة النفاة.

فلما اشتهر أمره في المسلمين، طلبه خالد بن عبد الله القسري وكان أميراً على العراق، حتى ظفر به، فخطب الناس في يوم الأضحى، وكان آخر ما قال في خطبته: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم، فإنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً. ثم نزل فذبحه في أصل المنبر فكان ضَحِيَّةً، ثم طفئت تلك البدعة فكانت كأنها حصاة رمي بها، والناس إذ ذاك عنق واحد أن الله فوق سماواته على


(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٨، ٤٨ - ٥٥، ٥٦.
(٢) -منهاج السنة ١/ ٣٠٩، مجموع الفتاوى ١٣/ ١٧٧.
(٣) -ذم الكلام ص ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>