ذلك، ولا منافاة بينها، ويدل كذلك ما رواه أحمد - رحمه الله تعالى: - عن عبد الله بن عمرو في قصة صاحب البطاقة بلفظ: قال: قال رسول الله: «توضع الموازين يوم القيامة، فيؤتى بالرجل، فيوضع في كفة، ويوضع ما أحصي عليه، فيمايل به الميزان. قال: فيبعث به إلى النار. قال: فإذا أدبر، إذ صائح من عند الرحمن ﷿ يقول: لا تعجلوا، فإنه قد بقي له، فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله، فتوضع مع الرجل في كفة، حتى يميل به الميزان»(١) فهذا الحديث يدل على أن العبد يوضع هو وحسناته وصحيفتها في كفة وسيئاته مع صحيفتها في الكفة الأخرى، وهذا غاية الجمع بين ما تفرق ذكره في سائر أحاديث الوزن، ولله الحمد والمنة.
المسألة السادسة: كيفية وزن الأعمال
قال الإمام القرطبي ﵀:«قال علماؤنا ﵏: الناس في الآخرة ثلاث طبقات:
• متقون لا كبائر لهم.
• ومخلطون وهم الذين يوافون بالفواحش والكبائر.
• والثالث: الكفار.
فأمَّا المتقون: فإن حسناتهم تُوضع في الكفة النيرة، وصغائرهم-إن كانت لهم الكفة الأخرى-فلا يجعل الله لتلك الصغائر وزنًا، وتثقل الكفة النيرة حتى لا تَبرح، وترتفع المظلمة ارتفاع الفارغ الخالي.
وأمَّا المخلطون: فحسناتهم توضع في الكفة النيرة، وسيئاتهم في الكفة المظلمة، فيكون لكبائرهم ثقل، فإن كانت الحسنات أثقل ولو بصؤابة دخل الجنة، وإن كانت السيئات أثقل ولو بصؤابة دخل النار إلا أن يغفر الله، وإن تساويا كان من أصحاب الأعراف على ما يأتي، هذا إن كانت للكبائر فيما بينه وبين الله، وأما إن كانت عليه تبعات وكانت له حسنات كثيرة فإنه ينقص من ثواب حسناته بقدر جزاء السيئات؛ لكثرة ما عليه من التبعات؛ فيُحمل عليه مِنْ أوزار مَنْ ظلمه، ثم يُعَذَّب على الجميع. هذا ما تقتضيه الأخبارُ».
(١) رواه أحمد (٢/ ٢٢١) (٧٠٦٦)، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (١٠/ ٨٢): رواه الترمذي باختصار، رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال أحمد شاكر في (مسند أحمد) (١٢/ ٢٤): إسناده صحيح.