للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعضهم: الأظهر إثبات موازين يوم القيامة لا ميزان واحد؛ لقوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]، وقوله: ﴿فمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ [الأعراف: ٨].

وقالوا: وعلى هذا فلا يبعد أن يكون لأفعال القلوب ميزان، ولأفعال الجوارح ميزان، ولما يتعلق بالقول ميزان.

المذهب الثاني: القائلون بوحدة الميزان:

فذهب هؤلاء إلى أن لكل فرد ميزانًا خاصًّا به أو لكل عمل ميزان خاص به؛ لقوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأنبياء: ٤٧].

وأجابوا عن جمع كلمة (الموازين) في الآية: إلى أن الميزان واحد، وأن الجمع في الآية إنما هو باعتبار تعدُّد الأعمال أو الأشخاص.

وقد رجَّح ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى بعد حكايته الخلاف أن الميزان واحد، وقال: "والذي يترجح أنه ميزان واحد، ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله؛ لأن أحوال القيامة لا تكيَّف بأحوال الدنيا" (١).

وحَسَّنَ السفاريني رحمه الله تعالى القول بوحدة الميزان بعد ذكر الإجابة عن جمع كلمة (الموازين) في الآية بقوله: "وَهُوَ حَسَنٌ" (٢).

ومن المعاصرين الذين يرون هذا القول الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في الجواب عن سؤال عن وحدة الميزان وتعدده، فقال-بعد ذكر الخلاف بين أهل العلم-: "الذي يظهر-والله أعلم-أن الميزان واحد، لكنه متعدد باعتبار الموزون" (٣).

المسألة السابعة: الأقوال في الموزون:

اختلف أهل العلم في الموزون في ذلك اليوم على أقوال:

القول الأول: أن الذي يوزن في ذلك اليوم الأعمال نفسها، وأنها تجسم فتوضع في الميزان.

أدلته: ويدل لذلك:

• حديث أبي هريرة في (الصحيح) قال: قال رسول الله : «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده،


(١) "فتح الباري شرح صحيح البخاري"؛ لابن حجر العسقلاني، (١٣/ ٥٣٨ (.
(٢) لوامع الأنوار البهية للسفاريني، (٢/ ١٨٦ (.
(٣) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين. (٢/ ٤٤)، جمع وترتيب: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>