للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأفضل وأغلى وغاية ما يكتسبه الإنسان من العلم والمعرفة هو أن يعرف الله ، وكما أوصى النبي ابن عباس وهو غلام فقال له: «يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيِّمُ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ» (١)، ومعنى احفظ الله؟ أي اعرف الله تعالى، واعرف حدوده، واعرف ما أوجبه عليك من شرائع وأحكام، فإذا أنت حفظت الله تعالى فإن الله يحفظك، وقال : " تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ " (٢)

وقول المصنف: " الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد والوصول إليه غاية المطالب بل هذا خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الإلهية. "

تتجلى أهمية باب الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى في الأمور التالية:

أولًا: هو شَطر باب الإيمان بالله تعالى:

فلا يخفى على المسلم أهمية الإيمان بالله، فهو أول أركان الإيمان، بل هو أعظمها، فما بقية الأركان إلا تَبَع له وفرع عنه، فهو أهم ما خُلق لها الخلق، وأُرسلت به الرسل، وأُنزلت به الكتب، وأُسِّست عليه الملة؛ فالإيمان بالله هو أساس كل خير، ومصدر كل هداية، وسبب كل فلاح، ذلك لأنَّ الإنسان لما كان مخلوقًا مَربوبًا عاد في علمه وعمله إلى خالقه وبارئه؛ فبه يهتدي، وله يعمل، وإليه يصير، فلا غِنى له عنه، وانصرافه إلى غيره هو عين هلاكه وفساده، والإنسان له بالله عن كل شيء عِوض، وليس لكل شيء عن الله عوض؛ فليس للعبد صلاح ولا فلاح إلا بمعرفة ربِّه وعبادته، فإذا حصل له ذلك فهو الغاية المرادة له والتي خُلق من أجلها، فما سوى ذلك إما فضل نافع، أو فُضول غير نافعة، أو فضول ضارة، ولهذا صارت دعوة الرسل لأممهم إلى الإيمان بالله وعبادته؛ فكل رسول يبدأ دعوته بذلك كما يُعلم من تَتبع دعوات الرسل في القرآن.

وملاك السعادة والنجاة والفوز يكون بتحقيق التوحيدين اللذين عليهما يقوم الإيمان بالله تعالى، وبتحقيقهما بَعث الله رسوله ، وإليه دَعت الرسل-صلوات الله وسلامه عليهم-من أولهم إلى آخرهم.


(١) انظر سنن الترمذي برقم (٢٥١٦)، وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، والإمام أحمد في المسند وَمِنْ مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ (٢٦٦٩)، قال الشيخ الالباني في المشكاة الجزء الثالث، صفحة (١٤٥٩): صحيح.
(٢) انظر مسند الإمام أحمد مِنْ مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ برقم (٢٨٠٣)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في الجزء الخامس صفحة (١٩): حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>