للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٩) وروى-أيضًا (١) -عن يحيى بن معاذ الرَّازي أنه قال: «إنَّ الله على العرش بائنٌ من الخَلق، وقد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، لا يَشك في هذه المقالة إلا جهميٌّ رديء ضِلِّيل وهالك مُرتاب، يمزجُ الله بخلقِه، ويَخلط منه الذَّات بالأقذار والأَنْتَان (٢)» (٣).

تعددت الأقوال في صفة الاستواء ويمكن استعراض تلك الأقوال على النحو الآتي:

أولاً: مذهب السلف في الاستواء

والمقصود بالسلف هم الصحابة والتابعون ومن سار على نهجهم.

ولقد كان قولهم في الاستواء كقولهم في سائر صفات الله فهم وسط بين طائفتين هم المعطلة والمشبهة.

فهم لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا ذاته بذوات خلقه كما يفعل المشبهة.

وكذلك لا ينفون عن الله ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله ، فيعطلون أسماءه وصفاته، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسمائه وآياته كما فعل المعطلة.

بل كان مذهبهم في سائر الصفات-بما في ذلك الاستواء-أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه محمد نفياً وإثباتاً.


(١) أي: الإمام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي.
(٢) الأنتان: جمع النَّتَنْ، وهي الأماكن المستقذرة ذوات الروائح الكريهة.
والمعنى: أنَّ الجهمي يريد أن يخلط ذات الله بالأماكن المستقبحة المستقذرة. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
(٣) ذكر الذهبي في «العلو» (ص ١٣٩، ١٤٠) جزءًا من هذا الأثر من رواية أبي إسماعيل الهروي.

<<  <  ج: ص:  >  >>