للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«ومما نعتقده: أن الله أباح المكاسب والتجارات والصناعات، وإنما حرم الله الغش والظلم، وأن من قال بتحريم المكاسب فهو ضال مضل مبتدع؛ إذ ليس الفساد والظلم والغش من التجارات والصناعات في شيء، وإنما حرم الله ورسوله الفساد؛ لا الكسب والتجارة؛ فإن ذلك على أصل الكتاب والسنة جائز إلى يوم القيامة.

وقال: «ومما نعتقده أن الله أباح المكاسب والتجارات والصناعات»، وهذا ردٌّ على زعم بعض المتصوفة بوجوب ترك التجارة والمكاسب والزهد في الدنيا والانقطاع عنها، ومعلوم أن هناك فرقًا بين قول أهل السنة في الزهد وبين قول هؤلاء المتصوفة الذين انحرفوا في هذا الباب؛ إذ زعموا أن الزهد في الدنيا هو الانقطاع عنها، وزعموا كذلك أن الاشتغال بالتكسُّب والتجارة كله حرام، وزعموا أن هذه الأموال أموالٌ محرمة.

قال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة ٢٧٥.

قال عمرُ بن الخطاب : "كسبٌ فيه بعضُ الدنيِّة خيرٌ من الحاجةِ بين الناس" (١)

فهنا بَيَّنَ ابنُ خفيف معتقد أهل السنة في ذلك، فقال: «ومما نعتقده أن الله أباح المكاسب والتجارات والصناعات، وإنما حرم الله الغش والظلم، وأن من قال بتحريم تلك المكاسب فهو ضالٌ مضلٌّ مبتدع»، وهذا الأمر يوجد في أفهام الصوفية، ويروِّجون له؛ بزعم أن الاشتغال بالتكسب وبالتجارة مما حرمه الله.

فقال هنا: «إذ ليس الفساد والظلم والغش من التجارات والصناعات بشيء، وإنما حرم الله ورسوله الفساد لا الكسب والتجارات، فإنها على أصل الكتاب والسنة جائزة إلى يوم القيامة، وإن مما نعتقد أن الله لا يأمر بأكل الحلال ثم يعدمهم الوصول إليه من


(١) انظر كتاب الآداب الشرعية والمنح المرعية الجزء الثالث، صفحة (٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>