(٨٠)"والمقصود هنا التنبيه على أُصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلال في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول ﷺ، وأن من جعل الرسول غير عالم بمعاني القرآن الذي أُنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات، لم يجعل القرآن هدى ولا بيانًا للناس.
(٨١) ثم هؤلاء ينكرون العقليات في هذا الباب بالكلية، فلا يجعلون عند الرسول ﷺ وأمته في باب معرفة الله ﷿ لا علومًا عقلية ولا سمعية، وهم قد شاركوا في هذا الملاحدة من وجوه متعددة، وهم مخطئون فيما نسبوه إلى الرسول ﷺ وإلى السلف من الجهل، كما أخطأ في ذلك أهل التحريف والتأويلات الفاسدة، وسائر أصناف الملاحدة".
فبعد أن بين المصنف-رحمه الله تعالى-أقسام أهل التعطيل وبين مسالكهم في تعطيلهم نبَّه هنا إلى أمرٍ هام، وهو: أن تلك المقالات الفاسدة أوجبت الضلال في باب العلم والإيمان، الإيمان بما جاء به الرسول ﷺ، وكذلك في تلك المقالات هدمٌ لأصلي الدين، وهدمٌ للأمور التي يُستمد منها هذا الدين.
ولذلك رحم الله السجزي في رسالته إلى أهل زبيد، لما أرسل إليه بعض أهل السنة من أهل زبيد يسألونه في مسألة الحرف والصوت، فذكر في هذه الرسالة في رسالته إلى أهل زبيد الرد على من أنكر الحرف والصوت، أرسل إليهم وبين لهم قواعد بها يعرف الإنسان من على السنة ومن ليس على السنة.
فقال-﵀-في أول ما قال:
"ولا خلاف بين المسلمين في أن كتاب الله لا يجوز رده بالعقل. بل العقل دل على وجوب قبوله والائتمام به، وكذلك قول الرسول ﷺ إذا ثبت عنه لا يجوز رده، وأن الواجب رد كل ما خالفهما أو أحدهما.
واتفق السلف على أن معرفة الله من طريق العقل ممكنة غير واجبة، وأن الوجوب من طريق السمع لأن الوعيد مقترن بذلك قال تعالى: " ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾