للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلمّا علمنا بوجود العقل قبل الإِرسال، وأن العذاب مرتفع عن أهله، ووجدنا من خالف الرسل والنصوص مستحقا للعذاب بينا أن الحجّة هي ما ورد به السمع لا غير.

وقد اتفقنا أيضاً على أن رجلاً لو قال: العقل ليس بحجّة في نفسه وإنما يعرف به الحجّة لم يكفر ولم يفسق، ولو قال رجل: كتاب الله سبحانه ليس بحجّة علينا بنفسه، كان كافراً مباح الدم.

فتحققنا أن الحجّة القاطعة هي التي يرد بها السمع لا غير.

ووجدنا أيضاً القائلين بالعقل المجرّد وأنه أوّل الحجج مختلفين فيه، كلّ واحد يزعم أنّ الحقّ معه وأنّ مخالفه قد أخطأ الطريق، ولا سبيل إلى من يحكم بينهم في الحال، وإنما الحاصل دوام الجدل المنهي عنه،

ونجدهم أيضاً يقولون اليوم قولاً يزعمون أنه مقتضى العقل، ويرجعون عنه غدا إلى غيره، وما كان بهذه المثابة لا يجب أن يكون حجّة في نفسه.

ووجدنا الكتاب المنزل غير جائز ورود النسخ عليه.

وقد وجب علينا الإذعان له، والدخول تحت حكمه، فكانت الحجّة فيه لا في مجرّد العقل.

وإنما ورد الكتاب بالتنبيه على العقل وفضله وبيّن أن من خالف الكتاب ممن لا يعقل لأنّ العقل يقتضي قبول العبد من مولاه، وترك ظنه له، ومصيره إلى طاعته ويحكم بقبح ما خالف ذلك؛ وفي هذا القدر كفاية إن شاء الله تعالى. (١) "

وقال : "اعلموا رحمكم الله أنّ السنة في لسان العرب هي: الطريقة فقولنا: سنّة رسول الله يعني: طريقته، وما دعا إلى التمسك به ولا خلاف بين العقلاء في "أن سنّة الرسول لا تعلم بالعقل وإنما تعلم بالنقل.

فأهل السنة: هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح عن الرسول أو عن أصحابه فيمالم يثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول لأنهم أئمة، وقد أمرنا باقتداء آثارهم، واتباع سنّتهم وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى إقامة برهان. والأخذ بالسنّة واعتقادها مما لا مرية في وجوبه.

قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾، وقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾، وقال رسول الله :


(١) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت: ص: ١٣٤ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>