للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فتشاركون الفلاسفة أو يكون الأمر أنكم تقرُّون صفات ما تقرون به في الميعاد فتكونون في أهل السنة، وأنتم لا الإسلام نصرتم، لا كنتم مع أهل السنة الذين نصروا الإسلام، ولا الفلاسفة كسرتم؛ لأنكم وافقتموهم في شيء وخالفتموهم في شيء، ووافقتم أهل السنة في شيء وخالفتموهم في شيء.

فلا كسرتم الفلاسفة ولا نصرتم الإسلام بهذا، بل قولكم أصبح حجة للفلاسفة عليكم، فمثل هذا ينبغي أن يواجه به كل متكلم من الأشاعرة وغيرهم، فقل له: لماذا أنت في نصوص الميعاد تقبل هذه النصوص على ظاهرها، ولا تقبل ذلك في نصوص الصفات، فلماذا فرَّقت بين الأمرين، ولماذا أنت عندما يأتي النقاش مع الفيلسوف تحتج بمثل هذا في نصوص الميعاد وتترك ذلك في نصوص الصفات؟

وقوله: "وأهل السنة يقولون لهؤلاء: ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بإثبات الصفات، ونصوص الصفات في الكتب الإلهية أكثر وأعظم من نصوص المعاد.

ويقولون لهم: معلوم أن مشركي العرب وغيرهم كانوا ينكرون المعاد، وقد أنكروه على الرسول وناظروه عليه، بخلاف الصفات، فإنه لم ينكر شيئًا منها أحد من العرب".

أراد المصنف هنا أن يقرِّر أن الأمر واحد، بل إن نصوص الصفات أكثر وأعظم من نصوص المعاد، وهؤلاء، يعني مشركو العرب وغيرهم كانوا ينكرون المعاد وقد أنكروه على الرسول، (قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) يس ٧٨، ولكن ما أنكروا الصفات، فإنه لم ينكر شيئاً منها أحدٌ من العرب شيئاً من الصفات.

وقوله: "فعلم أن إقرار العقول بالصفات أعظم من إقرارها بالمعاد، وأن إنكار المعاد أعظم من إنكار الصفات، وكيف يجوز مع هذا أن يكون ما أخبر به من الصفات ليس كما أخبر به، وما أخبر به من المعاد هو على ما أخبر به".

أي فعُلم أن إقرار العقول بالصفات أعظم من إقرارها بالمعاد، وأن إنكار المعاد أعظم وقوعاً عند المنكرين من إنكار الصفات، فكيف يجوز مع هذا أن يكون ما أخبر به من الصفات ليس كما أخبر به، وما أخبر به من المعاد هو على ما أخبر به؟

يعني كيف يقبل هذا في المعاد ولا يقبل في الصفات؟، فإذاً أنتم فرَّقتم بين النصوص، فقبلتم ذلك في المعاد ولم تقبلوه في الصفات، مع أن نصوص الصفات أوضح، وأكثر في النص،

وقوله: "وأيضًا: فقد عُلم أنه قد ذمَّ أهل الكتاب على ما حرَّفوه وبدَّلوه، ومعلوم أن التوراة مملوءة من ذكر الصفات، فلو كان هذا مما حرف وبدل لكان إنكار ذلك عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>