للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يقول المصنف: "والذين قصدنا الرد عليهم في هذه الفتيا هم هؤلاء" يقصد المتكلمة ولم يقصد المؤلف بتأليف هذه الفتوى الرد على الفلاسفة، فالفلاسفة لهم ردٌ آخر، فهو أراد أن يرد على أهل الكلام.

وقوله: "إذ كان نفور الناس عن الأَوَّلين مشهورًا" أي أن قول الفلاسفة وكلامهم واضح البطلان، ونفور الناس عنه مشهور.

وقوله: "بخلاف هؤلاء، فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة" أي بخلاف أهل الكلام فإنهم تظاهروا بنصر السنة، بل وتظاهروا أنهم ضد الفلاسفة ولهم ردود وكتبٌ في ذلك.

وقال المصنف: "وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا، ولكن أولئك الفلاسفة ألزموهم في نصوص المعاد نظير ما ادعوه في نصوص الصفات، فقالوا لهم: نحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بمعاد الأبدان، وقد علمنا الشُّبَه المانعة منه. " فأعظم القضايا التي فيها النزاع مع الفلاسفة هي مسألة المعاد، وحشر الناس، وتكلم هؤلاء فيها كثيراً وردوا على الفلاسفة، والفلاسفة ردوا عليهم في مسألة الصفات، فيقول: أولئك الفلاسفة في رد نصوص الميعاد بنظير ما ادعاه أهل الكلام في نصوص الصفات أي إذا كنتم لا تقبلون الاستدلال بالنصوص في باب الصفات فمن باب أولى ألا يقبل الاستدلال بالنصوص في باب المعاد، فلم يكن عند أهل الكلام من جواب إلا أن قالوا: نحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بمعاد الأبدان، وقد علمنا فساد الشبهة المانعة منه، فاحتجوا بالنصوص في إثبات المعاد.

وقول المصنف: "وأهل السنة يقولون لهؤلاء: ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بإثبات الصفات، ونصوص الصفات في الكتب الإلهية أكثر وأعظم من نصوص المعاد".

فبالتالي أهل السنة يحتجون على أهل الكلام بجنس دليلهم، فيقولون: نحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بإثبات الصفات، ونصوص الصفات في الكتب الإلهية أكثر وأعظم من نصوص المعاد إلى آخر الكلام الذي قاله المصنف في هذه المسألة، كل هذا في تقرير أن الأصل في المسألتين واحد، وكلا المسألتين من الأمور المعلومة بالاضطرار من دين الرسول .

فإن كنتم أجزتم التأويل في الصفات فينبغي كذلك أن تجيزوا التأويل في المعاد،

<<  <  ج: ص:  >  >>