للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بعض الفضلاء»، «قال بعض الحكماء»، «قال بعض العقلاء» (١)، وهذا ما أشار إليه المُصَنِّف بقوله: «قال فُلَانٌ وقال فُلَانٌ».

فإذاً هم بعد نبذهم للنصوص سلكوا أحد مسلكين إما التأويل وإما التفويض، والتأويل هو الذي أشار إليه المُصَنِّف بقوله:

"لَكِنْ لِتَجْتَهِدُوا فِي تَخْرِيجِهِ عَلَى شَوَاذِّ اللُّغَةِ وَوَحْشِيِّ الْأَلْفَاظِ وَغَرَائِبِ الْكَلَامِ". وهذا منهج التأويل "أَوْ أَنْ تَسْكُتُوا عَنْهُ مُفَوِّضِينَ عِلْمَهُ إلَى اللَّهِ" أي منهج التفويض؛ لأن مسالك التعطيل في أصلها مسلكان:

١ مسلك الوهم والتخييل وهذا عند الفلاسفة،

٢ مسلك التبديل، وهذا عند أهل الكلام.

ومسلك التبديل نوعان:

إما مسلك التأويل أي: التحريف.

أو مسلك التفويض.

فالفلاسفة من بداية الأمر قالوا: هذه الأمور تبقى على أساس أنها وهم وخيال، فالمتفلسف ليس بحاجة إلى أن يبدِّل وليس بحاجة إلى أن يأوِّل، إنما بعبارة واحدة يقول: «هذه الأمور تبقى في حد الوهم وفي حيز الوهم والخيال ولا وجود لها في الحقيقة» (٢)، فهذا مسلك الوهم والتخييل، وهو مسلك الفلاسفة، لأنهم يقولون: «إن النُبُوَّة أمر مكتسب» (٣) أي صناعة كأي صناعة، فالإنسان يمهر مثلاً في النجارة، أو يمهر في الحدادة، فكذلك لا مانع أنه يمهر في النبوة، ويكتسب هذه الأمور بعقله وخبرته، فهذا قول الفلاسفة.

أما مسلك التبديل فهذا مسلك أهل الكلام، وهم في ذلك فريقان إما أهل تحريف وتأويل أو مسلك تفويض وتجهيل، والمصنف في هذه الفتوى يركز على عقيدة هؤلاء وعلى قولهم.

والمصنف يتكلم هنا عن مسلك التبديل الذي ينقسم إلى قسمين:


(١) انظر كتاب أساس التقديس لفخر الدين الرازي صفحة (١٦).
(٢) انظر كتاب معارج القدس في مدراج معرفة النفس للغزالي صفحة (١٢٣)، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية الجزء الخامس صفحة (١٢٨).
(٣) انظر كتاب معارج القدس في مدراج معرفة النفس للغزالي صفحة (١٣٠)، والرد على المنطقيين لابن تيمية صفحة (٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>