للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لِتَجْتَهِدُوا فِي تَخْرِيجِهِ"، فهم يقولون: نعم إن النبي أخبر بخلاف الحقيقة، وأن الأمر ليس على ظاهره، فلا علو ولا استواء، ولا نزول ولا يد، بل إن بعضهم يبالغ حيث يقول: «لا عرش ولا كرسي» (١).

فبعضهم إذا جاء يفسر «العرش» قال: «العرش أي: الملك» (٢)، وينكر حتى وجود ذي العرش على الحقيقة.

فعندهم أن هذه النصوص على خلاف ظاهرها، وإذا سألتهم لماذا والنبي قال كذا وكذا؟ قالوا: «النبي أخبر بهذه الأمور وتركها لاجتهاد العقول»، وهذا الزعم يفتح باباً من الشر، فقد يأتي من يقول: ليس هناك صلاة على الحقيقة، ويأتي آخر ويقول: ليس هناك صيام على الحقيقة، وليس هناك حج على الحقيقة، وليس هناك جهاد على الحقيقة … ويمشي الأمر على هذا المنوال.

فهم بالتالي أسَّسوا أصولاً باطلة، وأصدروا أحكاماً على الكتاب والسنة باطلة، وبعد ذلك خلت لهم الساحة، ولذلك إذا جاءهم شخص يدعو إلى الكتاب والسنة اجتهدوا في عدائه ومحاربته؛ لعلمهم أن ما في الكتاب والسنة يشهد بخلاف ما يقولون ويزعمون، ولذلك تجد حتى إن مناهجهم تحارِب الكتاب والسنة بطريق غير مباشر، فيحاربون المأثور ويسعون إلى تجهيل الناس بمصطلح الحديث، وإذا درسوا كتب السُنَّة مثلا درسوها للتبرك والبركة لا للعلم والاستفادة، وقصروا الكتاب والسنة على ما يتعلق بالأحكام والعبادات والمعاملات، وأخرجوا الكتاب والسنة من أبواب العقائد.

ولذلك لو سألتهم: لماذا أنتم في باب الأحكام وباب العبادات وأبواب المعاملات تأخذون بالكتاب والسنة وتوردون الدليل، وتتركون هذا في أبواب العقائد؟ ولماذا أنتم مثلاً شافعية أو مالكية، ولماذا لستم في العقيدة على قول الشافعي أو مالك؟

ولماذا لا تحتجون بكلام الشافعي أو بكلام الإمام مالك في بعض الاعتقادات، فكل هذا يؤكد هذه الحقيقة التي يجب على الإنسان أن يعرفها إذا كان جاهلا بها، وإذا لم يقتنع بما يقوله شيخ الإسلام، فما عليه إلا أن يرجع إلى كتاب من كتب هؤلاء، من أمهات كتبهم في الاعتقاد، وينظر وستجد ما يقول، لن تجد إلا: «قال


(١) انظر كتاب العرش للذهبي الجزء الثاني صفحة (٣٣٦).
(٢) انظر كتاب تاج العروس الجزء (١٧) صفحة (٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>