للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إما التحريف والتأويل: وهو كما ضربنا له مثالاً بقولهم: «استوى أي: استولى».

أو مسلك التجهيل: وهو دعوى التوقف في معنى النصوص، فيقولون: «الله أعلم بمراده» (١).

فهذه حقيقة الأمر على رأي هؤلاء المتكلمين، فحقيقة رأيهم يدور بين التأويل وبين التفويض، أي بين التحريف أو التجهيل، فالتفويض في حقيقته هو دعوى الجهل والتوقف في معاني النصوص، وأن هذه النصوص لا يعلم معناها، وهذا أمرٌ لو طبق في الواقع فلا يمكن أن يطبق، فهل يعقل أنه لا يمكن التفريق بين «استوى» و «نزل»؟ هل نقرأ قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] فلا نفهم المراد من هذه الآية وتقرأ مثلاً قول النبي : «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» (٢) فلا نفهم مراده.

هل يعقل أن يتكلم الله ﷿ أو يتكلم رسوله بكلام لا يعرف ولا يعلم معناه؟ فهل عندما نقرأ: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، هل يعني هذا أننا ما تفهم معنى هذا الكلام؟

فما من إنسان يعرف لغة العرب وإلا ويعرف معنى «اليد» وما جاءت به من معاني في لغة العرب وأن سياق الكلام هو الذي يحدد المعنى المراد منها، وإن كانت كيفية هذه اليد الله أعلم بها، وكذلك نعلم معنى الوجه، ونعلم معنى العين، ونعلم ونفرق بين هذه الألفاظ؛ لأن كل لفظ له في لغة العرب معنى.


(١) انظر كتاب درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية الجزء الأول صفحة (٢٠١).
(٢) انظر صحيح البخاري كتاب التهجد، بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، برقم (١١٤٥)، ومسلم كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَالْإِجَابَةِ فِيهِ (٧٥٨)، وأبو داود (١٣١٥)، والترمذي (٤٤٦)، وابن ماجه (١٣٦٦)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٧٥٠٩)، والدارمي (١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>