للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالبعض قد ينظر نظرة أخرى في هذا الصراع القائم بين المناهج، والذي تظهر فيه اختلافات كثيرة، فيبدأ بعقد مقارنة في الحسنات والسيئات، ويتناسى أن يعقد مقارنة في أصليّ الدين، فالمقارنة ينبغي أن تخرج من هنا؛ من التوحيد والاتباع، فما موقف كل فريقٍ من التوحيد والاتباع؟ وانظر بعد ذلك أثر ذلك في ظهور الشرك وظهور البدعة.

فالبعض قد يقول: هذا منهجٌ يدعو إلى وحدة المسلمين، ووحدة المسلمين مطلب وهدف، فلماذا يُحارَب؟ أو لماذا يردُّ على هذا المنهج؟ ولماذا لا نتفق على هذه المسألة؟ وبعد ذلك ننظر في المسائل الأخرى، فيقال له: قف، هناك ما هو أهم من وحدة الأشخاص ووحدة الناس، فالأهم أن تخرج الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والإيمان، وأن تلزم الناس باتباع الدين واتباع الوحي.

مع أن هذا لا يمنع أن يكون لكل أحد حسناته وسيئاته كما قال ابن تيمية : "ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم". (١)

فلئن كان هؤلاء صادقين، فإن النبي قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» (٢)، وإلا فإن أهل مكة جاءوا للنبي وعرضوا عليه اجتماع الكلمة، ولو كان الأمر اجتماع الكلمة، لعقد النبي صلحاً مع كفار قريش، وأصبح الأمر والغاية والمقصد هو توحيد الكلمة واجتماعها.

فما قيمة اجتماع الكلمة إذا كان هناك تلاعبٌ بأصليّ الدين وإهمالٌ للتوحيد وإهمال للاتباع والسنة، فافهم حقيقة الأمر.

أُعيد وأقول: إذا أردت أن تقيِّم نفسك وأن تقيِّم مواقف الآخرين، فانظر إليهم وانظر إلى نفسك في أصليّ الدين. هل أنت مؤمن بالله تعالى؟ عارف بالله تعالى؟ عابدٌ لله ؟ متَّبعٌ لشرع الله تعالى؟ فأنت لا شك على الخير في هذا، وإن كان هؤلاء يسيرون على هذا النهج وعلى هذا الطريق؟ فلا شك أنهم على الخير والهدى، ولذلك سيؤكد المُصَنِّف هذا من خلال ذكر الافتراق بعد أسطر.


(١) منهاج السنة النبوية ٤/ ٥٤٣
(٢) تقدم تخريجه، انظر صفحة رقم (. . . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>