الذي لا ينطق عن الهوي ينبذ ويوصف بهذا الوصف القبيح؛ «أحاديث التشبيه»، حتى ينفر السامع من كلام النبي ﷺ حتى وإن جاء في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم مثلاً، وهذا أمر لاشك أنه متفق على ثبوته ومتفق على قبوله عند أهل السُنَّة كافة.
إذاً لتفهم أن هؤلاء بنوا أصل دينهم على العقل، وبالتالي لو قلت لأشعري مثلاً: لماذا تثبت السمع والبصر وتنفي العلوَّ والنزول والاستواء؟ مع أن هذا جاء به نص وهذا جاء به نصٌّ، فلو كان مستند الأشعري في الإثبات إلى قال الله تعالى وقال الرسول ﷺ، فإن هذا كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ.
لكن لو جئت إلى تعليلاته ستجد أنه يقول: إن هذه الصفات السبع ثبتت بالعقل، وبالتالي أنا أعتمدها، وما عداها لم يثبت فهذا لا يمكن اعتمادها ولا يمكن قبولها.
ولذلك إذا قرأت لشيخ الإسلام في التدمرية، فإنه يناقش هؤلاء بمثل هذا فيقول:«القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فإن قلتم إن لله سمعاً وبصراً فإن لله يداً وإن لله علوًّا وإن لله استواءً»(١)، لكن يريد شيخ الإسلام هنا أن ينبه ويبين أن هؤلاء تركوا هذا المنهج من أصله ومن أساسه، واعتمدوا على عقولهم إثباتاً ونفياً.
فإذاً هم يصفون الله تعالى بما أجازته عقولهم وما أثبتته عقولهم بغض النظر عن وروده في الكتاب والسنة.
"وَمَا لَمْ تَجِدُوهُ مُسْتَحِقًّا لَهُ فِي عُقُولِكُمْ فَلَا تَصِفُوهُ بِهِ"، فبالتالي هم ينفون الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، ولو جئت تسألهم لماذا؟ لقالوا: إن العقل لا يجيز ذلك.
ثم هم ها هنا فريقان، أكثرهم يقولون:"ما لم تثبته عقولكم فانفوه"، أي الذي لا تثبته العقول يُنفي ولا يثبت، ومنهم من يقول:"بل توقفوا فيه"، وهذا يدور على طريقين عند المعَطِّلة: طريق التفويض وطريق التأويل.