للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَكِنِ المتأخرون من زمن إمام الحرمين الجويني لا يُثبتون إلا سبع صفات: (العلم والحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام)، تحت دعوى أن هذه الصفات هي الصفات العقلية، وأما عداها فلم يُثْبِتها العقل؛ فإمَّا أن يتوقفوا فيها، وإما أن ينفوها، وأكثرهم على النفي والتأويل.

والبيهقي من الفريق الذي يثبت بعض الصفات، وما كان منها فعلية فهم يثبتونها على الأوجه التي ذكرناها؛ فهنا قال: «وفي عصره الحافظ أبو بكر البيهقي مع تولِّيه للمتكلمين من أصحاب أبي الحسن الأشعري، وذبِّه عنهم قال في كتاب «الأسماء والصفات»، باب (ما جاء في إثبات اليدين صفتين)، لا من حيث الجارحة؛ لورود خبر الصادق به» (١)؛ فيثبتون صفة اليدين،

وقال ابن تيمية موضحاً أن تأويلات المعطلة لا يمكن أن تصمد أمام النصوص الشرعية لأن النصوص من جهة هي في غاية الإحكام والوضوح من جهة نفسها، والخلل إنما يقع من جهة ذلك المعارض الذي ابتعد عن النصوص وسعى لردها بكل وسيلة؛ فقال : "وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ وَنَجْعَلُ الْكَلَامَ فِيهَا أُنْمُوذَجًا يُحْتَذَى عَلَيْهِ وَنُعَبِّرُ بِصِفَةِ " الْيَدِ " وَقَدْ:

• قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾.

• وَقَالَ تَعَالَى لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا "خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾.

• وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾.

• وَقَالَ تَعَالَى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾.

• وَقَالَ ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

• وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾. وَقَدْ تَوَاتَرَ فِي السُّنَّةِ مَجِيءُ " الْيَدِ " فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ . فَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ: أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى يَدَيْنِ مُخْتَصَّتَيْنِ بِهِ ذَاتِيَّتَيْنِ لَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ؛ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ دُونَ الْمَلَائِكَةِ وَإِبْلِيسَ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقْبِضُ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ


(١) انظر: كتاب الأسماء والصفات للبيهقي الجزء الثاني صفحة (١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>