للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] وقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠] وقال: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦].

قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه، وفي الحشوش، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، ويصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه، وتخطئة قائله …

إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفًا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضا (١).

ويقول أبو الفتح الشهرستاني (ت: ٥٤٨ هـ): "اعلم أن جماعة كثيرة (٢) من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم، والقدرة، والحياة، والإرادة والسمع، والبصر، والكلام، والجلال، والإكرام، والجود، والإنعام، والعزة، والعظمة، ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل، بل يسوقون الكلام سوقًا واحدًا، وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين، والوجه ولا يؤولون ذلك، إلا أنهم يقولون: هذه الصفات قد وردت في الشرع، فنسميها صفات خبرية" (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (بل أئمة المتكلمين يثبتون الصفات الخبرية في الجملة، وإن كان لهم فيها طرق كأبي سعيد كلاب وأبي الحسن الأشعري، وأئمة أصحابه: كأبي عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن الباهلي، والقاضي أبي بكر بن الباقلاني، وأبي إسحاق الإسفرائيني، وأبي بكر بن فورك، وأبي محمد بن اللبان، وأبي علي بن شاذان، وأبي القاسم القشيري، وأبي بكر البيهقي، وغير هؤلاء. فما من هؤلاء إلا من يثبت من الصفات الخبرية ما شاء الله تعالى. وعماد المذهب عندهم: إثبات كل صفة في القرآن؛ وأما الصفات التي في الحديث فمنهم من يثبتها ومنهم من لا يثبتها. (٤)


(١) ينظر: العلو للذهبي (ص: ٢٣٧ - ٢٣٨).
(٢) كذا قال، والصواعق ٥٤ ب: أن هذا محل اتفاق بين السلف، والشهرستاني لم يكن عارفًا بمذهب السلف، كذا قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض النقل والعقل (٢/ ٣٠٧، ٩/ ٦٧).
(٣) الملل والنحل (١/ ٩٢).
(٤) -مجموع الفتاوى ٤/ ١٤٧، ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>