للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من إثباتهم للصفات التي جاءت في نصوص السنة؛ بزعم أنها أخبار آحاد؛ فهم لا يعتقدون فيها في باب العقائد.

فتجد البيهقي يثبت الصفات الخبرية التي وردت في القرآن، ويميل إلى هذا كثيرًا، ثم بعد ذلك ما يأتي في السنة وبعض الصفات في القرآن يتوقف في إثباته.

وفي الجملة: هم يُثبتون الصفات ما عدا الصفات الاختيارية، فإذًا أثبتوا شيئًا من الصفات الذاتية: (اليدين والوجه والقَدَم)، ولو قرأت في كتاب «الأسماء والصفات» للبيهقي، ستجد أنه يقول بإثباتها، مع أنه مِنْ الأشاعرة الذين نصروا منهجهم.

وممن ورد عنهم القول بإثبات هذه الصفات من قدماء الأشاعرة ما يلي:

قال القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (ت: ٤٠٣ هـ) - الذي ليس في المتكلمين الأشعرية أفضل منه مطلقًا، كذا قال الذهبي (١) - في كتاب "الذب عن أبي الحسن الأشعري": "كذلك قولنا في جميع المروي عن رسول الله في صفات الله، إذا صح من إثبات اليدين والوجه والعينين، ونقول: إنه يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، كما في الحديث وأنه مستو على عرشه" (٢).

وقال أيضاً: "فإن قيل فما الدليل على أن لله وجهًا؟ قيل: قوله: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧]، وقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، فأثبت لنفسه وجهًا ويدًا.

فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إذ كنتم لا تعقلون وجهًا ويدًا إلا جارحة؟

قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب في كل شيء كان قديمًا بذاته أن يكون جوهرًا؛ لأنا وإياكم لم نجد قديمًا بنفسه في شاهدنا إلا كذلك.

وكذلك الجواب لهم إن قالوا: فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضًا، واعتلوا بالوجود (٣).

وقال أيضاً: فإن قيل: فهل تقولون إنه في كل مكان؟ قيل معاذ الله، بل هو مستوٍ


(١) في العلو للعلي الغفار (ص: ٢٣٧).
(٢) ينظر: العلو للعلي الغفار للذهبي (ص: ٢٣٨).
(٣) ينظر: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني (ص: ٢٩٨)، والعلو للذهبي (ص: ٢٣٧ - ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>