للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ونوقش:

بأن سكوت الحديث عن الدعاء بالمغفرة لا ينفي وجوبه بأدلة أخرى، فهو لم يذكر التشهد، ولا الجلوس له، ولا السلام، ولا قراءة الفاتحة، وعدم ذكر هذه الأشياء لم يمنع من وجوبها في أدلة أخرى

ورد هذا النقاش:

هذا الكلام صحيح، إلا أن المخالف ينازع بأن الدعاء بالمغفرة لم يقم دليل على وجوبه، وثبوت فعله من النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس كافيًا للقول بالوجوب، والاستدلال بحديث: (صلوا كما رأيتموني أصلي) من أضعف أنواع الاستدلال، فإن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - مشتملة على الواجب والمسنون، فلا بد من قيام دليل خاص يقضي بوجوب الدعاء بالمغفرة بين السجدتين.

والقول بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكر للمسيء في صلاته ما أساء فيه فقط غير متصور في هذه المسألة؛ لأن من أساء الاطمئنان في الجلسة فقطعًا لن يتمكن من قول الدعاء الوارد؛ فلو دعا بين السجدتين للزم منه حصول الاطمئنان؛ بخلاف العكس، فالاطمئنان قدر أقل من الذكر المشروع.

كما أن الدعوى بأن احتمال أن يكون الذكر بين السجدتين لم يكن واجبًا وقت الواقعة بعيد جدًّا؛ لأنه لم يحفظ في النصوص أن الذكر كان مستحبًّا ونسخ إلى الوجوب، كما نقل ذلك في بعض أحكام الصلاة التي مر عليها تغيير، كالتطبيق، وموضع وقوف الإمام إذا كانوا ثلاثة وغيرها من الأحكام التي تغيرت، فلما لم ينقل في تاريخ التشريع أن هذا الذكر تغير حكمه من الاستحباب إلى الوجوب كان ذكر ذلك مجرد دعوى، وتجويز ذهني، لا رصيد له في الواقع.

الدليل الثالث:

(ح-١٩١٦) ما رواه مسلم من طريق حماد (يعني ابن سلمة)، أخبرنا ثابت،

عن أنس، قال: ما صليت خلف أحدٍ أوجز صلاةً من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تمام، كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متقاربة، وكانت صلاة أبي بكر متقاربة، فلما كان عمر بن الخطاب مد في صلاة الفجر، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>