للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة في المعتمد: يجب أن يقول: رب اغفر لي، وإن زاد عليه لم يكره (١).

وقال أحمد في رواية حرب: يقول الرجل في جلسته بين السجدتين: اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واجبرني. وإن شاء قال ثلاث مرات: رب اغفر لي. كل ذلك جائز (٢).

هذا مجمل الاختلاف في المسألة.

وأضعف الأقوال مذهب الحنفية القائلين بعدم مشروعية الدعاء في الفريضة.

يليه قول الحنابلة القائلين بالوجوب.

ويقف قول الجمهور وسطًا بين القولين، فهم يرون استحباب الدعاء، ولا يتعين عندهم في صيغة معينة، والوارد أفضل من غيره.

والخلاف في هذه المسألة فرد من الخلاف في مسائل سابقة، كالخلاف في أذكار الركوع والسجود وتكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد، ينزع الحنابلة فيها إلى الوجوب، وهو من مفرداتهم. ويخالفهم الجمهور، فيذهبون إلى الاستحباب، وهو الحق، وإذا أردت أن تحيط بأدلة هذه المسألة فانظر أدلة تلك المسائل، فاستكمالها يوقفك على تصور هذه المسائل، ومنزع كل قول، والله أعلم.

• دليل القائلين بأنه لا يشرع فيه دعاء:

لم يصح في الدعاء بين السجدتين حديث صحيح، والأصل عدم المشروعية


(١). الواجب عند الحنابلة أن يقول: رب اغفر لي، وإن قال: رب اغفر لنا، أو اللهم اغفر لنا فلا بأس، انظر: رواية الكوسج (٢٣٢)، وأبي داود (ص: ٥٢)، وابن هانئ (٢٢٣)، وحرب الكرماني (٣٣٤)، وهو المذهب عند المتأخرين، ولا يكره الزيادة عليها على الصحيح من المذهب، كما لو زاد (وارحمني وعافني واجبرني) لورود ذلك في حديث ابن عباس، انظر: الكافي (١/ ٢٥٤)، المبدع (١/ ٤٠٦)، كشاف القناع (١/ ٣٥٤)، المغني (١/ ٣٧٧)، الإقناع (١/ ١٢٢)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٩٩).
وقيل: تكره الزيادة عليها، وعنه يستحب في النفل، وقيل: والفرض. انظر الإنصاف (٢/ ٧١).
قال ابن رجب كما في شرحه للبخاري (٧/ ٢٧٦): «واستحب الإمام أحمد ما في حديث حذيفة (رب اغفر لي)، فإنه أصح عنده من حديث ابن عباس)» يعني أصح من حديث (اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني).
(٢). مسائل حرب الكرماني (٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>