للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عامة أهل العلم إلا مالكًا؛ فإنه قال: كُلْهَا ولا غرم عليك لصاحبها، ولا تعريف. واستدل بالحديث: «هي لك، أو لأخيك، أو للذئب»؛ فإنه ليس فيه ذكر التعريف، أو الغرامة. قال ابن عبد البر: لم يوافق أحد من العلماء مالكًا على قوله.

وقد أُجيب عن مالك: بأنَّ التعريف ثابتٌ بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من آوى ضالة؛ فهو ضال مالم يعرفها»، وقد جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أبي داود (١٧١٠)، والترمذي (١٢٨٩)، والنسائي (٨/ ٨٤)، والطحاوي (٤/ ١٣٥ - ١٣٦): «اجمعها حتى يأتيها باغيها» يعني لقطة الشاة، وفي رواية: «احبس على أخيك ضالته».

وأُجيب عن مالك: بعدم ذكر الغرامة أنها مفهومة من التعريف كما وجبت في لقطة الذهب والفضة، وقد استدل لقول مالك بأنَّ اللام للتمليك بقوله: «هي لك».

قال الحافظ -رحمه الله-: وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّامَ لَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ الذِّئْبَ لَا يَمْلِكُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهَا المُلْتَقِط عَلَى شَرْطِ ضَمَانِهَا.

قال: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ صَاحِبُهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَهَا الْمُلْتَقِط؛ لَأَخَذَهَا؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَة عَلَى مِلْك صَاحِبِهَا، وَلَا فَرْق بَيْنَ قَوْلِهِ فِي الشَّاةِ: «هِيَ لَك، أَوْ لِأَخِيك، أَوْ لِلذِّئْبِ»، وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي اللُّقَطَةِ: «شَأْنك بِهَا، أَوْ خُذْهَا» بَلْ هُوَ أَشْبَهُ بِالتَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ مَعَهُ ذِئْبًا وَلَا غَيْرَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَالُوا فِي النَّفَقَةِ يَغْرَمُهَا إِذَا تَصَرَّفَ فِيهَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبهَا. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>