• وذهب بعض الحنابلة، وأومأ إليه أحمد، وهو قول أبي حنيفة، وبعض الشافعية إلى أنه لا يجوز استيفاء القصاص في غيبة الموكل؛ لأنه يحتمل أن يعفو الموكل في حال غيبته؛ فيسقط، وهذا الاحتمال شبهة تمنع الاستيفاء، والعفو مندوب إليه، فإذا حضر احتمل أن يرحمه فيعفو.
وأُجيب عن ذلك: بأنَّ الأصل أنَّ ما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكل وغيبته، كالحدود الأخرى، وسائر الحقوق، واحتمال العفو بعيد، والظاهر أنه لو عفا لبعث، وأعلم وكيله بعفوه، والأصل عدمه؛ فلا يؤثر، ألا ترى أن قضاة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كانوا يحكمون في البلاد، ويقيمون الحدود التي تدرأ بالشبهات مع احتمال النسخ؟ وكذلك لا يحتاط في استيفاء الحدود بإحضار الشهود مع احتمال رجوعهم عن الشهادة، أو تغير اجتهاد الحاكم. انتهى من «المغني»(٧/ ٢٠٣).
ويظهر أن قول مالك، وأحمد أقرب، والله أعلم.
[مسألة [١٤]: إذا وكل الرجل وكيلين، فلمن حق التصرف؟]
ذكر أهل العلم على أنه إن وكل كل واحد منهما بانفراده؛ نفذ تصرف كل واحد منهما، وإن وكَّلَهما معًا؛ فلا ينفذ تصرف واحد منهما إلا بموافقة الآخر، وإن اتفقا على شيء؛ نفذ تصرفهما فيه، وإن غاب أحد الوكيلين؛ لم يكن للآخر أن يتصرف.