والكفارات، وغير ذلك من العبادات لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام، بل النية محلها القلب دون اللسان باتفاقهم، فلو لفظ بلسانه غلطًا بخلاف ما نوى في قلبه؛ كان الاعتبار بما نوى، لا بما لفظ، ولم يذكر أحدٌ في ذلك خلافًا، إلا أن بعض متأخري أصحاب الشافعى -رحمه الله- خَرَّجَ وجهًا في ذلك، وَغَلَّطَهُ فيه أئمة أصحابه، وكان سبب غلطه أن الشافعي قال:(إن الصلاة لابد من النطق في أولها)، وأراد الشافعي بذلك التكبير الواجب في أولها، فظن هذا الغالط أن الشافعي أراد النطق بالنية، فَغَلَّطَهُ أصحابُ الشافعي جميعهم. انتهى.
قلتُ: وهذا الغالط الذي غَلِطَ في كلام الشافعي هو أبو عبد الله الزبيري، ذكر ذلك صاحب «الحاوي»، ونقله عنه النووي في «شرح المهذب»(٣/ ٢٧٧)، ونصُّ كلام الشافعي بتمامه: إذا نوى حجًّا، أو عمرةً أجزأَ، وإن لم يتلفظ، وليس كالصلاة، لا تصح إلا بالنطق.
[مسألة [٤]: محل النية من الصلاة.]
أجمع العلماء على أن نية الصلاة تكون عند التكبير.
ثم اختلفوا: هل يُشترط مقارنتها للتكبير أم لا؟
• فذهب الشافعي، وابن المنذر إلى وجوب مقارنة النية للتكبير، لا بعده، ولا قبله.
• وذهب أحمد، وأبو حنيفة إلى جواز تقديمها بالزمن اليسير.
• وذهب ابن حزم إلى وجوب تقديمها على التكبير متصلة به.