للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

غَفَرَ اللهُ لَهُ خَطَأَهُ فَهُوَ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إذَا لَمْ يُعِدْهَا، بَلْ لَوْ حَكَمَ بِمِثْلِ هَذَا؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ، بَلْ كَانَ يُنْفِذُهُ، وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ فَعَلَ بِاجْتِهَادِهِ فَلَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، وَالْمَأْمُومُ قَدْ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ؛ كَانَتْ صَلَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحَةً، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَقَدْ حَصَلَتْ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ.

خَطَأٌ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِمَامَ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ فِيهِ، وَأَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ خَطَأً وَاعْتَقَدَ الْمَأْمُومُ جَوَازَ مُتَابَعَتِهِ فَسَلَّمَ كَمَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَهْوًا مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَكَمَا لَوْ صَلَّى خَمْسًا سَهْوًا فَصَلَّوْا خَلْفَهُ خَمْسًا كَمَا صَلَّى الصَّحَابَةُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا صَلَّى بِهِمْ خَمْسًا فَتَابَعُوهُ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ صَلَّى خَمْسًا؛ لِاعْتِقَادِهِمْ جَوَازَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْمُخْطِئُ هُوَ الْإِمَامَ وَحْدَهُ، وَقَدْ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَلَّمَ خَطَأً لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إذَا لَمْ يُتَابِعْهُ، وَلَوْ صَلَّى خَمْسًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إذَا لَمْ يُتَابِعْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ خَطَأً لَا يَلْزَمُ فِيهِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ

[مسألة [١٣]: هل صحة صلاة المأموم مرتبطة بصحة صلاة الإمام؟]

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- (٢٣/ ٣٧٠ - ): النَّاسُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، وَفَائِدَةُ الِائْتِمَامِ فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ بِالْجَمَاعَةِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ، لَكِنْ قَدْ عُورِضَ بِمَنْعِهِ اقْتِدَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>