للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه فرع تلك مطلقًا كما يشعر به كلام الغزالى (١).

الثانى: أن الأمر يستلزم الإرادة عندهم. فإذا أمر بشىء علمنا أنه مراد لا يجوز بعد ذلك نسخ فيكون غير مراد، وعندنا لا يستلزم فيجوز تطرق النسخ إليه.

وقال الكيا الهراسى فى تعليقه: القائلون بجواز النسخ قبل التمكن من الفعل إن اشترطوا فى الأمر التمكن فعلى هذا لا يتحقق النسخ؛ لأنه لم يتم الأمر، وإن قالوا: إن التمكن ليس بشرط وإن العاجز يصح تكليفه كما هو مذهبنا فى صحة تكليف ما لا يطاق، فعلى هذا يتحقق الخلاف. قال: ولا يتحقق فى هذه المسألة إلا بعد البناء على هذا الأصل، قال: والعجب من شيخنا الإمام كيف نص فى التلخيص أن تكليف ما لا يطاق لا يجوز، ثم قال: النسخ قبل التمكن من الفعل جائز فكيف يصح الجمع بين هذين الأصلين. قلت: وكذلك يتعجب منه حيث وافق المعتزلة فى التكليف بما علم الآمر انتفاء وقوعه، وخالفهم هنا، وقد ظهر التفات هذه المسألة على أربعة قواعد (٢).


(١) نقل السبكى هذا الكلام عن صاحب الفائق وهو صفى الدين الهندى فى الإبهاج ٢/ ٢٥٧، وانظر كلام الغزالى فى المستصفى ١/ ٧٢، ٢/ ٦، والبحر المحيط ٤/ ٨٧.
(٢) ذكر بعض العلماء أن منشأ الخلاف فى هذه المسألة هو: هل حكمة التكليف مترددة بين الامتثال والابتلاء، فتكون تارة للامتثال فقط، وقد تكون للابتلاء والاختبار هل يعزم ويهتم بالعمل فيثاب، أو يعزم على الترك فيعاقب، فعلى أن الحكمة مترددة بينهما فالمنسوخ بعد الفعل حكمته الامتثال، وقد امتثل بالفعل قبل النسخ، والمنسوخ قبل التمكن من الفعل حكمته الابتلاء، وقد حصل قبل النسخ.
قال فى مراقى السعود:
للامتثال كلف الرقيب ... فموجب تمكنا مصيب
أو منه والابتلا ترددًا ... شرط تمكن عليه انفقدا
انظر نشر البنود ١/ ٧٥، ومذكرة الشيخ -رحمه اللَّه- ص ٧٣. =

<<  <   >  >>