وأحيانًا ثلاثًا، ويختمها بـ"لا إله إلا الله وحده الخ"، فبهذا يحصل العمل بكلّ ما ورد، من غير مخالفة لتعليم النبي -صلى الله عليه وسلم-. والله تعالى أعلم.
(قال) أي ذلك الأنصاري الذي أُتي في منامه (ندم) أي أَمَرَنا بذلك (قال) أي ذلك الآتي (فاجعلوها) أي الأذكار (خمسا وعشرين، واجعلوا فيها التهليل) أي قولوا في ضمنها، أو معها:"لا إله إلا الله" خمسا وعشرين، لتكمّلوا المائة، لأنه أفضل الأذكار.
قال الطيبيّ رحمه الله: الفاء للتسبب، مقرّرة من وجه، ومغيرة من وجه، أي إذا كانت التسبيحات هذه، والعدد مائة، فقرّروا العدد، وأدخلوا فيها التهليل انتهى.
(فلمّا أصبح) أي دخل ذلك الأنصاري في الصباح (أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له) أي ذكر إتيان الملك له، وما جرى بينه وبينه من السؤال والجواب، والتعليم (فقال) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- (اجعلوها كذلك) أي اجعلوا الأذكار المذكورة كما أمر ذلك الآتي كلَّ واحدة منها خمسا وعشرين، وزيدوا عليها التهليل حتى تكون مائة كاملة.
قال السنديّ رحمه الله: قوله: "فقال: أجعلوها كذلك"، هذا يقتضي أنه الأولى، لكن العمل على الأول لشهرة أحاديثه. والله أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "لكن العمل الخ"، إن أراد عمل كثير من الناس، فمسلّم، ولكن لا قيمة له، وإن أراد العمل بالسنة، ففيه نظر، لأن الحديث صحيح، فلا ينبغي الاقتصار على الأحاديث الأخرى، بل يعمل بهذا أيضًا أحيانا، فيجعلها كلها خمسا وعشرين، ويزيد التهليل كذلك. والله تعالى أعلم.
وقال أيضًا: وليس هذا من العمل برؤيا غير الأنبياء، بل هو من العمل بقوله -صلى الله عليه وسلم-، فيمكن أنه علم بحقيقة الرؤيا بوحي، أو إلهام، أو بأيّ وجه كان، والله تعالى أعلم انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله مما لا شك فيه فهو نظيرُ رؤيا عبد الله بن زيد بن عبد ربه -رضي الله عنه- الأذان، وقول النبى -صلى الله عليه وسلم-: "إنها لرؤيا حق"، فثبت الأذان بذلك، فهو مما وافق رؤيا الصحابي للوحي السماوي، فثبوته بالوحي، لا بمجرد الرؤيا.
ونظيرُ ذلك موافقات عمر رضي الله تعالى عنه للوحي، في قوله:"يا رسول الله يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب".