"ت": فقيه ضعيف الحديث، من السابعة، وفيه أيضًا عبد اللَّه بن سليمان، قال البخاريّ: فيه نظر، لا يتابع على حديثه، وأبوه سليمان، قال البخاريّ، وأبو حاتم: منكر الحديث.
وأما ما أخرجه أحمدج ١ ص ١٤٢، والحازمي في "الناسخ والمنسوخ" ص ١٢١ من طريق أبي معمر، قال: كنا مع علي، فمر به جنازة، فقام لها ناس، فقال عليّ: من أفتاكم هذا؟ فقالوا: أبو موسى، قال: إنما فعل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - مرّة، فكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نُهِي انتهى"، لفظ أحمد، ولفظ الحازميّ: "فلما نُسِخ ذلك، ونُهِي عنه انتهى". ففي سنده ليث بن أبي سُليم، وهو متروك.
والحاصل أن دعوى النسخ، غير صحيحة، فإن أحاديث الأمر بالجلوس، لا تصحّ، وكذا حديث عليّ المذكور الدالّ على النسخ، لا يثبت، فلا ينبغي الالتفات إليها، في نسخ تلك السنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة من طرق جماعة من الصحابة، بل المتحتّم الأخذ بها، واعتقاد أنها مستحبّة، مَن فعلها، فقد أحسن، ومن لا، فلا لوم عليه، لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قام، وقعد، وهذا هو الحقّ، كما تقدّم ترجيح النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- له، مخالفا لمشهور مذهبه، من دعوى النسخ، فجزاه اللَّه تعالى خيرًا على اتباعه الدليلَ، وعدم تعصّبه لمشهور مذهبه، كما هو ديدن المتفقهة، ولا سيما المتأخرون، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".