أحدا، من أصحابك يصنعها، قال: وما هي، يا ابن جريج، قال: رأيتك لا تمس من الأركان، إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة، أهلّ الناس إذا رأوا الهلال، ولم تهلّ أنت حتى كان يوم التروية، قال عبد اللَّه: "أما الأركان، فإنى لم أر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يمس إلا اليمانيين، وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يلبس النعل التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحبّ أن ألبسها، وأما الصفرة، فإني رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يصبغ بها، فأنا أحبّ أن أصبغ بها، وأما الإهلال، فإني لم أر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يهلّ حتى تنبعث به راحلته" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٥٧ - (إِهْلَالُ النُّفَسَاءِ)
٢٧٦١ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ, عَنْ شُعَيْبٍ, أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ, عَنِ ابْنِ الْهَادِ, عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, تِسْعَ سِنِينَ, لَمْ يَحُجَّ, ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ, فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ, يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ رَاكِبًا, أَوْ رَاجِلاً, إِلاَّ قَدِمَ فَتَدَارَكَ النَّاسُ, لِيَخْرُجُوا مَعَهُ, حَتَّى جَاءَ ذَا الْحُلَيْفَةِ, فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ, مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ, فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: «اغْتَسِلِي, وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ, ثُمَّ أَهِلِّي» , فَفَعَلَتْ, مُخْتَصَرٌ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده، وهو مصريّ، فقيه ثقة. "وشعيب": هو ابن الليث بن سعد المصريّ الفقيه الثقة. و"ابن الهاد": هو يزيد بن عبد اللَّه بن أسامة بن الهاد الليثيّ المدنيّ الفقيه الثقة.
وقوله: "أقام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" أي بالمدينة بعد الهجرة. وقوله: "فتدارك الناس": أي لَحِق آخرهم أولهم، يعني أنهم اجتمعوا في المدينة حتى يحجوا معه - صلى اللَّه عليه وسلم -.
وقوله: "واستثفري بثوب": أي شُدِّي محلّ الدم بثوب.
وقوله: "مختصر": خبر لمحذوف: أي هذا الحديث مختصر من حديث جابر الطويل، وقد ذكرته بطوله في هذا الشرح في باب "ترك التسمية" -٥١/ ٢٧٤٠ - من رواية مسلم في "صحيحه"، وكذلك تقدّم تخريج الحديث هناك، فراجعه تستفد.
(١) - راجع "صحيح البخاريّ" ١/ ٣٥٩ بنسخة "الفتح".