للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المؤمنين، أو لا يجوّزها على غير النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وآله، فمن قال: إن آله في الصلاة هم كلّ الأمّة فقد أبعد غاية الإبعاد.

وأيضًا فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرع في التشهد السلام والصلاة، فشرع في السلام تسليم المصلي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوّلاً، وعلى نفسه ثانياً، وعلى سائر عباد الله الصالحين ثالثاً، وقد ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "فإذا قلتم ذلك فقد سلّمتم على كلّ عبد لله صالح في السماء والأرض". وأما الصلاة فلم يشرعها إلا عليه وعلى آله فقط، فدلّ على أن آله هم أهله وأقاربه.

وأيضاً فإن الله سبحانه أمرنا بالصلاة عليه بعد ذكر حقوقه، وما خصّه به دون أمته، من حلّ نكاحه لمن تهب نفسها له، ومن تحريم نكاح أزواجه على الأمة بعده، ومن سائر ما ذُكر مع ذلك من حقوقه وتعظيمه وتوقيره وتبجيله، ثم قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: ٥٣] ثم ذكر رفع الْجُنَاح عن أزواجه في تكليمهنّ آباءهنّ وأبناءهنّ، ودخولهم عليهن، وخلوتهم بهنّ، ثمّ عقّب ذلك بما هو حقّ من حقوقه الأكيدة على أمته، وهو أمرهم بصلاتهم عليه وسلامهم، مستفتحاً ذلك الأمر بإخباره بأنه هو وملائكته يُصلُّون عليه، فسأل الصحابةُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- على أيّ صفة يؤدّون هذا الحقّ؟ فقال: "قولوا: اللَّهمّ صلّ على محمد، وعلى آل محمد"، فالصلاة على آله هي من تمام الصلاة عليه وتوابعها، لأن ذلك مما تقرّ به عينه، ويزيده الله به شرفاً وعُلُوّاً، -صلى الله عليه وسلم- تسليمًا.

وأما من قال: إنهم الأتقياء من أمته، فهولاء هو أولياؤه، فمن كان منهم من أقربائه، فهو من أوليائه، ومن لم يكن منهم من أقربائه، فهم من أوليائه، لا من آله، فقد يكون الرجل من آله وأوليائه، كأهل بيته والمؤمنين به من أقاربه، ولا يكون من آله ولا من أوليائه، وقد يكون من أوليائه، وإن لم يكن من آله، كخلفائه في أمته الداعين إلى سنته، الذّابّين عنه، الناصرين لدينه، وإن لم يكونوا من أقاربه.

وقد ثبت في "الصحيح" عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنّ آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إن أوليائي المتقون، أين كانوا، ومن كانوا" (١).


(١) أخرجه الشيخان من حديث عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جهاراً غير سرّ يقول: "ألا إن آل أبي -يعني فلاناً- ليسوا بأوليائي، إنما ولي الله وصالحو المؤمنين". وأخرجه أحمد بلفظ "إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي". وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ "إن أوليائي يوم القيامة المتقون".