(وقرأها) أي تلك الآية (آخر) أي رجل آخر (غير قراءتي) أي غير قراءتي التي قرأت بها (فقلت: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الآخر) أي الرّجل الآخر الذي قرأ خلاف قراءته (أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا نبي الله أقرأتني آية كذا وكذا) يحتمل أن يكون الكلام إخبارًا، ويحتمل أن يكون استفهامًا للتقرير، كما يدل عليه قول الرجل الآخر:"ألم تقرئني" إلخ (قال) - صلى الله عليه وسلم - (نعم) تصديق لقوله: "أقرأتني"، لأن "نعم" تُبْقِي الكلام على ما هو عليه، من إيجاب أو نفي، لأنها وضعت لتصديق ما تقدم من غير أن ترفع النفي، وتبطله، فإذا قال القائل: ما جاء زيد، ولم يكن جاء، قلت في جوابه: نعم، وكان التقدير نعم ما جاء، فصدقت الكلام على نفيه، ولم تبطل النفي، وإن كان قد جاء قلت:"بلى"، لأنها للإبطال، فـ "نعم" تبقي الكلام على حاله، و"بلى" تبطله، فلذا لو قالوا في جواب قوله تعالى:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}[الأعراف: ١٧٢]: نعم لكان كفرًا، لأن معناه: لست بربنا (١). وقد تقدم تمام البحث في هذا غير مرة، وإنما أعدته لطول العهد به.
والمعنى هنا: نعم أقرأتك الآية (وقال الآخر: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: نعم) أي نعم أقرأتك إياها، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - مبينًا سبب اختلافهما (إِن جبريل وميكائيل- عليهما السلام-) بكسر همزة