للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا، إلا أنكم لا تقيمون الصفوف. قال ابن حزم: المباح ليس منكرًا. انتهى كلام ابن حزم باختصار (١).

وقال الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه": [باب إثم من لم يُتِمّ الصفوف]، ثم أخرج مُسْتَدِلاً على ما ترجم له حديث أنس رضي الله عنه أنه قدم المدينة، فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: ما أنكرت شيئًا، إلا أنكم لا تقيمون الصفوف.

قال في "الفتح"، قال ابن رشد: وتعقب بأن الإنكار قد يقع على ترك السنة، فلا يدلّ ذلك على حصول الإثم. وأجيب بأنه لعله حمل الأمر في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الآية [النور: ٦٣]. على أن المراد بالأمر الشأن والحال، لا مجرد الصيغة، فيلزم منه أن من خالف شيئًا من الحال التي كانت عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأثم، لما يدل عليه الوعيد المذكور في الآية. وإنكار أنس ظاهر في أنهم خالفوا ما كانوا عليه في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إقامة الصفوف، فعلى هذا تستلزم المخالفة التأثيم، انتهى كلام ابن رشد ملخصًا.

قال الحافظ: وهو ضعيف؛ لأنه يفضي إلى أن لا يبقى شيء مسنون؛ لأن التأثيم إنما يحصل على ترك واجب. وأما قول ابن بطال: إن تسوية الصفوف لمّا كانت من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلها


(١) المحلّى جـ ٤ ص ٥٢ - ٥٦.