للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدح عليها؛ دلّ على أن تاركها يستحق الذم، فهو متعقب من جهة أنه لا يلزم من ذم تارك السنة أن يكون آثمًا، سلمنا، لكن يرد عليه التعقب الذي قبله.

ويحتمل أن يكون البخاري أخذ الوجوب من صيغة الأمر في قوله: "سووا صفوفكم". ومن عموم قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي". ومن ورود الوعيد على تركه، فرجح عنده بهذه القرائن أن إنكار أنس إنما وقع على ترك الواجب، وإن كان الإنكار قد يقع على ترك السنن. ومع القول بأن التسوية واجبة في الصلاة، فصلاة من خالف، ولم يسو صحيحة، لاختلاف الجهتين، ويؤيد ذلك أن أنسًا مع إنكاره عليهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة. وأفرط ابن حزم، فجزم بالبطلان، ونازع من ادعى الإجماع على عدم الوجوب بما صح عن عمر أنه ضرب قدم أبي عثمان النهدي لإقامة الصف، وبما صح عن سويد بن غفلة، قال: كان بلال يسوي مناكبنا، ويضرب أقدامنا في الصلاة، فقال: ما كان عمر وبلال يضربان أحدًا على ترك غير الواجب، وفيه نظر؛ لجواز أنهما كان يريان التعزير على ترك السنة. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي مما ذكر من الأدلة وجوب تسوية الصفوف، كما هو ظاهر صنيع البخاري رحمه الله تعالى


(١) فتح جـ ٢ ص ٤٤٦ - ٤٤٧.